هل نجح أردوغان في استخدام السراج لإشعال الحرب في “شرق المتوسط”؟
واصلت تركيا استفزازاتها لجاراتها في منطقة شرق المتوسط، ونفذت طائرة دون طيار من طراز “بيرقدار TB2″، اليوم الاثنين، أول مهمة لها شرقي البحر المتوسط، في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة.وأقلعت الطائرة التركية دون طيار من قاعدة “دالامان” في تركيا إلى مطار “غجيت قلعة” في قبرص الشمالية (المحتلة من الأتراك والمعترف بها من أنقرة فقط)، حيث وصلت بعد تحليق 5 ساعات، لتجري أول مهمة لها في شرقي المتوسط، تستغرق حوالي 10 ساعات.جسر الأطماع سمحت حكومة قبرص التركية، التي تعترف بها تركيا فقط، لأنقرة بنشر طائرات دون طيار في شرق البحر المتوسط بالقاعدة الجوية بمطار ليفكونيكو جيستكالي، لترافق سفن التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة التي تشهد توترا حادا. واستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، جسرا للوصول إلى مطامعه في السيطرة على الوقود الأحفوري في مياه البحر المتوسط.ووقع أردوغان مع السراج في 27 نوفمبر الماضي مذكرتي تفاهم مع تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، وترسيم الحدود البحرية، والتي بموجبها تسمح أنقرة لنفسها بالسيطرة على جزء من حدود اليونان وقبرص في البحر المتوسط من أجل أعمال التنقيب عن الغاز.ونددت كل من الولايات المتحدة وروسيا ومصر عدد من الدول إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، بالاتفاقية التي وقعا السراج مع أردوغان، وطردت اليونان على إثره السفير الليبي لدى أثينا.الساعة 24 تنشر نص الاتفاقية الأمنية بين السراج وأردوغانتصعيد تركي من المرجح أن تزيد الخطوة التركية الأخيرة من التوتر مع الاتحاد الأوروبي، واليونان بشكل خاص. وحذرت تركيا من أنها ستمنع دولا أخرى من القيام بعمليات استكشاف وتنقيب عن الغاز في مناطق تقول إنها تابعة لها في شرق المتوسط.وأكد الرئيس التركي في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي أن اتفاقيتها مع ليبيا دخلت حيز التنفيذ، ولن تستأذن أحدا قبل التنقيب عن الغاز.وتعارض كل من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل، أنشطة التنقيب عن الطاقة التي تجريها تركيا في شرق المتوسط.وكانت تركيا قد بدأت في التنقيب عن النفط والغاز قبالة ساحل قبرص هذا العام وأرسلت سفينتي حفر وسفينة تنقيب ترافقها طائرات مسيرة للمراقبة والحماية، ويرى الاتحاد الأوروبي أن هذه الأنشطة غير مشروعة، وأعد عقوبات على تركيا ردا على ذلك.هل تشتعل الحرب في نهاية الأسبوع الماضي، شاركت القوات البحرية القبرصية في مناورات تدريبية مع فرنسا وإيطاليا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.وقبرص عضو في الاتحاد الأوروبي، وهي مقسمة منذ غزو تركي عام 1974 حدث ردا على انقلاب قصير بإيعاز يوناني، وهي في جدال قائم مع تركيا منذ سنين فيما يتعلق بملكية الوقود الأحفوري بشرق البحر المتوسط الذي يُعتقد أنه غني بالغاز الطبيعي.وفي 10 ديسمبر الحالي أرسلت وزارة الدفاع الإيطالية الفرقاطة البحرية “مارتيننجو” إلى ميناء لارنكا القبرصى، في خطوة سبقتها فرنسا بإرسال فرقاطة بحرية أيضا إلى نفس المنطقة بدعوى تأمين أعمال التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.مصر على الخط ولم تبعد مصر عن الوضع المتوتر في المنطقة، إذ أكدت وزارة الدفاع المصرية تأمينها المصالح الاقتصادية لمصر في المياه العميقة، وقدرتها على مواجهة التحديات والمخاطر التي تشهدها المنطقة، مشيرة إلى مدى الاحترافية التي وصل إليها رجالها بالقوات البحرية وأطقم الوحدات والتشكيلات المقاتلة.وأتمت القوات البحرية الأسبوع الماضي عددا من الأنشطة القتالية تنفيذًا لإستراتيجية عسكرية مصرية تهدف إلى تطوير القدرة على مواجهة التحديات والمخاطر التي تشهدها المنطقة، تضمنت قيام إحدى الغواصات المصرية بإطلاق صاروخ مكبسل عمق سطح طراز (هاربون) وهو صاروخ مضاد للسفن ويصل مداه إلى أكثر من 130 كم.غواصة مصريةالجيش الوطني يستعد تنبه الجيش الوطني الليبي مبكرا إلى أطماع أردوغان في المنطقة ومحاولة فرض وجود عسكري على الأراضي الليبية لإغاثة جيش أنقرة حال اشتعلت الحرب في المنطقة، وحذرت القيادة العامة للقوات المسلحة بأنها ستدمر أي سفينة تخرج من تركيا وتدخل المياه الإقليمية الليبية، وستدمر أي طائرة شحن عسكرية أو مدنية تدخل في المطارات المشبوهة الثلاث طرابلس ومصراتة وزوارة.وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة العربية الليبية اللواء أحمد المسماري أن الجيش الوطني لديه من الوسائل والإمكانيات ما يستطيع به قهر الأتراك وحكومة العار التابعة لفائز السراج.وقال المسماري في حديث لوسائل الإعلام الأجنبية مساء اليوم الاثنين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسير في الطريق الخطأ نحو استثماراته في ليبيا، مؤكدا أن ليبيا بكل أطيافها ليست كقطر التي احتلت بقاعدة تركية.قبرص ترد ردت الحكومة القبرصية على هذه الخطوة معتبرة أن إقامة قاعدة للطائرات التركية دون طيار في مطار غير قانوني في المناطق التي تحتلها تركيا من البلاد، عمل آخر من قبل تركيا مزعزع للاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط.وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة كرياكوس كوشوس إن المناطق التي تحتلها تركيا من قبرص “حكومتها” تحركها تركيا، وقد حددت المطار غير الشرعي في ليفكونيكو المحتلة كقاعدة للطائرات الجوية التركية دون طيار، مشيرا إلى أن هذا التطور لا يساهم بالتأكيد بأي شكل من الأشكال في إمكانية تخفيف الوضع المتوتر بالفعل، وهو دليل على أن تركيا لا تتدخل فقط في المناطق المحتلة من قبرص بل إنها تحدد أيضاً ما يحدث هناك.وأضاف كوشوس في تصريحات لوكاة الأنباء القبرصية أن هذا العمل يجعل الوضع المتوتر أصلاً في المنطقة أسوأ ولا يساعد على التهدئة، وعندما سئل عما إذا كانت جمهورية قبرص ستدين هذا التطور في المحافل الدولية، قال المتحدث الرسمي “هذا شيء سنبحثه لأن هذا العمل يعتبر تطوراً جديداً، وستتم مناقشة القضية مع وزير الخارجية لاتخاذ القرارات اللازمة”.من جانبه قال وزير الدفاع القبرصي سافاس أنجيليديس “إننا مستمرون بمواجهة الاستفزازات التركية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص بحذر”، مضيفا أن الرد على هذه الاستفزازات بالطريقة التي تستخدمها أنقرة سيكون أمرا خاطئا.وتابع أنجيليديس في تصريح اليوم الاثنين نشرته وكالة الأنباء القبرصية “إننا نلحظ نتائج إيجابية لما نقوم به على مستويات مختلفة، ولكن في الوقت نفسه نشهد انتهاكاً مستمراً للقانون من جانب تركيا التي تريد زعزعة استقرار المنطقة”.وتحدث الوزير القبرصي عن التصعيد والاستفزازات المستمرة الصادرة عن تركيا، وأكد أن هذه الاستفزازات ليست فقط ضد جمهورية قبرص وحقوقها السيادية بل أيضاً ضد أجزاء من شرق البحر المتوسط، مما يؤثر على الحقوق السيادية للدول الأخرى أيضا.أبواب الحرب ربما توقع المحللون السياسيون المتابعون للمشهد الدولي اشتعال حرب عالمية ثالثة تكون شرارتها من سوريا أو إيران بسبب الوضع المتأزم حاليا، ولكن تطورات المشهد التركي الأخيرة جعلت العديد من الساسة يسلطون الأضواء على ليبيا باعتبارها نقطة صراع دولية عنيف في الفترة المقبلة.. فهل نجح أردوغان في اللعب بالسراج واستخدامه ثقابا لإشعال الحرب على موارد الغاز في البحر المتوسط؟