جبريل العبيدي: لا يجب رهن إرادة الليبيين في إطار حزبي ضيق يحمل أفكاراً وولاءات خارجية
أكد الدكتور جبريل العبيدي، الكاتب والباحث الليبي، أن ليبيا بعد سنوات الجمر والفوضى والحرب، في أمسّ الحاجة للتصالح وإصلاح ما أفسدته الفتنة والقتال والاحتراب، تنوَّعت فيها الأسباب والأهداف، ولكن توحَّد فيها الضحايا، وهم ليبيون شرقاً وغرباً وجنوباً، منهم من قُتل بأيدٍ ليبية، ومنهم من قتل بأيدٍ عابرة للحدود، تنوعت بين مرتزق للمال ومرتزق للفكر، لكن الضحية كان ليبيا دائماً.
وقال العبيدي، في مقال له بصحيفة «الشرق الأوسط»: “لعلاج الحالة الليبية، لا بدَّ من الشروع في مصالحة وطنية شاملة والابتعاد عن المطالبة «بكليب حياً» فحالة التعنت وتغليب الذات على الوطن، التي لا تجدي نفعاً في حلّ أي إشكال، أو اختلاف في الرؤى، هي انتحار. وتغليب مصلحة الوطن هي الطريق الصحيح نحو بناء وطن للجميع خالٍ من الإقصاء والتهميش”.
وأضاف “ليبيا اليوم في حاجة إلى بناء المؤسسات وإعداد مشروع نهضوي، ضمن استحقاقات الانتقال من الثورة إلى الدولة، وهو الناجع والأكثر فائدة لليبيا الجديدة، فالليبيون اليوم في أمس الحاجة لكتابة العقد الاجتماعي «الدستور»، حتى تتحول البلاد من حالة الثورة إلى الدولة الديمقراطية التي تؤمن بحق المواطنة كاملاً لليبيين كافة”.
وتابع “اختزال ليبيا، ورهن إرادة شعبها في إطار حزبي ضيق، يحمل بعضه أفكاراً ورؤى وولاءات خارجية، ثبتت فشلها في بلدانها، يجعل من محاولة استنساخها في ليبيا مرفوضاً بالمطلق، فحرية الإرادة التي هي سلوك الإنسان وتصرفاته تنبع من إرادته الحرة بالكامل من دون تدخل من أي طرف”.
وأشار إلى أنه في ظل البحث عن نظام حكم، لا يكرر منهج التهميش والإهمال، عبر الحكم الشمولي المركزي، ولمنع التهميش والانفراد بالسلطة عند حكومة المركز، ظهرت مطالبة البعض بالحكم الفيدرالي، قائلا: “الفيدرالية يمكن أن تكون الحل، في ظل حالة الاحتقان والاصطفاف غير المسبوقة في ليبيا، بعد تفشي خطاب الكراهية وانعدام الثقة بين الأطراف، فهي شكل من أشكال الحكم السياسي، الممكن في ليبيا لتفادي التقسيم، بحيث تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ووحدات حكومية، بحيث تقوم السلطة الفيدرالية بإحكام السيطرة على التقسيمات المناطقية للسلطة كافة”.
وشدد على أن حلّ أزمة ليبيا لا بد أن يكون تفاوضياً، وليس عبر الاستقواء بالغريب، الذي سوف يعقد الأزمة، ولا يقدم حلاً بل يضع العصا بين دواليب العربة ويعرقل فرص الحل السلمي، مضيفا “المصالحة الوطنية تبدأ حيث انتهت الحرب، وتوقف القتال، وسكتت البنادق والمدافع، ومغادرة المرتزقة كافة البلاد، وجلوس الليبيين من دون غالب أو مغلوب على طاولة واحدة، فلا يمكن تحقيق مصالحة وطنية بغالب ومغلوب”.
الوسوم