موقع بريطاني: التوسع التركي في ليبيا يقرب وجهات النظر بين الجزائر وفرنسا
ذكر تقرير لموقع ” ذي أراب ويكلي” أن الاتصالات المتكررة بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تشير إلى تنسيق أوثق بين البلدين حول القضايا في المنطقة، ولا سيما تلك المتعلقة بمنطقة الساحل والصحراء وليبيا، في وقت يبدو فيه أن الوساطة الجزائرية لإيجاد حل للملف الليبي بحاجة إلى دعم أوسع لتجاوز حدود الخلاف السياسي.أضاف التقرير الصادر باللغة الإنجليزية، عن “دار العرب للنشر” في لندن، وترجمته “الساعة 24” أنه تم تعزيز التقارب الدبلوماسي والسياسي بين الجزائر وفرنسا من خلال المحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين تبون وماكرون، وكان آخرها، يوم الخميس الماضي، وهي ثالث محادثة هاتفية خلال الأسابيع الستة الماضية، ناقش خلالها الرئيسان رؤيتهما لاستعادة الاستقرار في المنطقة ونهج حل الأزمة في ليبيا.وأشار التقرير إلى أن هذه الدعوة جاءت مع تحسن العلاقات الثنائية مرة أخرى، بعد أن استعادت الجزائر الدفعة الأولى من بقايا رفات مقاتلي المقاومة الجزائرية التي احتفظت بها فرنسا حتى الآن في متحف أوم في باريس. وفي مقابلة مع قناة فرانس 24 المملوكة للدولة الفرنسية، امتدح الرئيس الجزائري تبون الأسبوع الماضي ما أسماه “نزاهة ماكرون وجهوده في تسوية الملفات التاريخية بين بلاده والجزائر”. وقال تبون أنه وماكرون “يمكن أن يقطعا شوطا طويلا”.وقال بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية إن الرئيس تبون تلقى اتصالا هاتفيا الخميس الماضي من الرئيس الفرنسي ماكرون، ناقش فيه الرئيسان الوضع السائد في المنطقة، وخاصة في ليبيا ومنطقة الساحل، واتفقا على مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين كونهما دولتين رئيسيين في المنطقة، وإطلاق عدد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الحلول السياسية للأزمات السائدة.وألمح البيان إلى علامات التقارب في رؤى الطرفين بشأن الوضع السائد في منطقة الساحل والصحراء وليبيا، بطريقة تتغلب على صدام السنوات الماضية بين البلدين وتبشر بشراكة دبلوماسية وتقاسم المصالح، خاصة مع استعداد الجزائر لرفع الحظر الدستوري عن مشاركة جيشها في عمليات خارج حدودها الإقليمية. الأمر الذي سيعطي الجزائر فسحة أكبر للمساهمة في إدارة النزاعات، خاصة في سياق الحرب على الإرهاب.وفقاً للموقع البريطاني، لا يستبعد المراقبون احتمال أن يؤدي التقارب الجزائري الفرنسي إلى صياغة مبادرة حول ليبيا بمشاركة المجتمع الدولي. ستستند مثل هذه المبادرة إلى ضرورة إيجاد حل سياسي في ليبيا وضرورة خروج جميع القوات الأجنبية. وهذا يعني أولاً إنهاء تدخل الجيش التركي الداعم لحكومة الوفاق الوطني، والذي أصبح مصدر قلق استراتيجي للجزائر وفرنسا، بعد نية أنقرة المعلنة بإقامة “تركيا الجديدة” في المنطقة، عن طريق تعزيز شراكة بعيدة المدى مع شركائها الليبيين.وتابع التقرير: “يبدو أن انزعاج باريس من التوسع التركي في المنطقة ومحاولات أنقرة لتقويض نفوذ فرنسا في الجزائر ، دفع الإليزيه إلى تقديم بعض التنازلات في أكبر الملفات المعلقة بين فرنسا والجزائر، بدءًا من ملف “الذاكرة والتاريخ” “. حيث من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى استباق المساعي التركية وتحويل الملفات الخلافية إلى فرص للشراكة في الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر، كما هو الحال في الاقتصاد والتجارة والتعاون والهجرة والقضايا المتعلقة بالجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا”.ويرى التقرير، أن الجزائر تخشى مخاوف حقيقية بشأن الأزمة الليبية، بالنظر إلى آثار التداعيات الأمنية والعسكرية الخطيرة التي تواجهها ليبيا على الاستقرار في المنطقة، خاصة أن الجزائر تشترك مع ليبيا في حوالي ألف كيلومتر من الحدود البرية المشكلة من التضاريس الصحراوية الوعرة، بالإضافة إلى قرب الحدود من المصالح الإستراتيجية مثل حقول النفط والغاز والشركات العالمية العاملة هناك.ويلفت الانتباه إلى تعيين، الجيش الجزائري، الجنرال عمر تلمساني كقائد للمنطقة العسكرية الرابعة في ورقلة في أقصى جنوب شرق البلاد، حيث تقع الحدود البرية مع ليبيا، حيث يخلف تلمساني الجنرال الراحل حسن عليمية، وتعكس هذه الخطوة الأهمية التي توليها القيادة العسكرية الجزائرية لاستعداد القوات والاستعداد اللوجستي في المنطقة، تحسبا لأي طوارئ على حدودها، بحسب الموقع.وحذر الرئيس تبون في تصريح لوسائل الإعلام المحلية والفرنسية من “سيناريوهات تحويل ليبيا إلى سوريا أو الصومال جديدة، وإلى أرض خصبة لإنتاج الجماعات الإرهابية، الأمر الذي سيكون كارثيا للأمن والاستقرار في المنطقة إلى الأبد”.وفي اجتماع مجلس الأمن الدولي حول ليبيا، يوم الخميس الماضي، أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم استعداد بلاده “للقيام بدور وساطة”، وشدد على أن “جميع الأطراف الليبية وافقت على المشاركة في أي مبادرة جزائرية”، في في إشارة إلى جهود الجزائر لحل الأزمة الليبية بالتنسيق مع المجتمع الدولي.ولخص بوقادوم مبادرة بلاده في ثلاثة محاور: “وقف فوري لإطلاق النار، والحد من التصعيد في جميع المجالات، بما في ذلك قطاع الطاقة وتوزيع الثروة، والمساعدة في جلب الأطراف المتنافسة الليبية إلى طاولة المفاوضات”.وقال مراقبون إن المبادرة الجزائرية، رغم أهميتها للطرفين المتنافسين في الأزمة الليبية، لا يمكنها بحد ذاتها تحقيق أي تقدم في الأزمة. وهذا يفسر الجهود الجزائرية لخلق تقارب مع روسيا وفرنسا بشأن الأزمة، من أجل إعطاء المبادرة الجزائرية دعماً أوسع.وفي تصريحات لـ” ذي أراب ويكلي”، وصف البروفيسور شريف إدريس، أستاذ العلوم السياسية في كلية الصحافة بالجزائر العاصمة، مهمة بلاده بأنها “صعبة”، وذكر إدريس أن “النهج الجزائري يحتاج إلى إطار دولي وتصميم حل يقوم على تعيين مبعوث للأمم المتحدة، و إجراء مفاوضات في دولة مجاورة، لأن الملف الليبي أصبح معقدًا بسبب تعدد الجهات الفاعلة في الأزمة “.