اخبار مميزة

مع قرب «الصخيرات 2».. هل يقع الليبيون في فخ الاتفاقيات المشبوهة مجددا؟

تستعد مدينة الرباط المغربية، مطلع الأسبوع المقبل، لاستقبال اجتماعات سياسية ليبية بين وفدي مجلس النواب، والمجلس الاستشاري، تمهيداً لإبرام اتفاق سياسي، تسعى القوى الإقليمية والدولية لإبرامه بين الفرقاء السياسيين، على ضوء مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، وهو الأمر الذي دفع بعض المراقبين للمشهد الليبي بإطلاق اسم «الصخيرات 2» على ذلك الإتفاق المزمع عقده، وهو ما يعيد للأذهان تفاصيل إتفاق 2015 الذي حمل نفس الاسم وتسبب في أزمة كبيرة أفرزت كيانات لا تزال ليبيا حتى الآن تعاني تحت وطأتها.
لجنة «عقيلة»
تأتي الاجتماعات المرتقبة، لإحياء ما أطلق عليه “المسار السياسي”، بإشراف أممي، وبتنظيم من المغرب، الذي استقبل مؤخراً رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الاستشاري خالد المشري، في زيارتين متزامنين، لكن من دون إجراء لقاء مباشر بينهما.
وكان عقيلة صالح قد أصدر قرارا بتشكيل لجنة حوار للقاء مجلس الدولة الاستشاري، بالمغرب، وتتكون تلك اللجنة من 4 أعضاء وهم «عصام الجهاني – مصباح دومة – ادريس عمران – عادل مولود»، و 3 مستشارين وهم «عاطف ميلود – حمدي أحمد – فيصل رزق»، بمشاركة رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوسف العقوري.
«الصخيرات 2»
وقالت تقارير مغربية، إن خارجية بلادها سيكون لها الإشراف السياسي، مشبّهة اللقاء المرتقب، بلقاءات الصخيرات، التي أفضت لاتفاق ديسمبر 2015، الذي يعتبره المغرب الإطار المرجعي لأي اتفاق. 
ويرى مراقبون، أن البعثة الأممية تعمل بالاتفاق مع الفرقاء الداخليين، والأطراف الخارجية ذات الصلة بالملف الليبي، إلى تجاوز نقائص «الصخيرات1»، حيث أكدت ستيفاني ويليامز، أن هناك العديد من الفجوات شابت ذلك الاتفاق، منها إبعاد أنصار النظام السابق عن الإطار السياسي، مؤكدة أنهم مجموعة لديها قاعدة شعبية عريضة.
وسيكون هدف الاجتماعات القادمة، تحديد أولويات المرحلة، وبخاصة إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، دعت الولايات المتحدة إلى أن يكون مقرها في سرت، بعد إخلائها من المظاهر المسلحة، وتأمينها عن طريق قوات شرطية من جميع مناطق البلاد.
وتشير مصادر مطلعة، إلى وجود توافق بين البرلمان المنتخب، ومجلس الدولة الاستشاري، حول تشكيل سلطات جديدة، وفق مبادرة عقيلة صالح، ومن ذلك، اختيار رئيس جديد للمجلس الرئاسي، ونائبين له، يمثلون الأقاليم الثلاثة للبلاد، بدل تسعة، كما كان في السابق، على أن يكون رئيس الحكومة من إقليم غير الإقليم الذي ينتمي إليه رئيس المجلس الرئاسي.
ومن جانبه، قال «صالح»، إن من بين أهداف المبادرة، أن يباشر المجلس الرئاسي إنجاز المصالحة الوطنية، وتشكيل لجنة لصياغة دستور للبلاد، وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مطالباً بوقف الاعتداء التركي على الأراضي الليبية.
فخ الإخوان
وفي سياق متصل حذر خبراء من عدم الوقوع مجددًا في فخ الاتفاقيات المشبوهة التي ترعاها أذرع جماعة الإخوان السياسية والمخابراتية في الدوحة وأنقرة والتي تسعى الجماعة من خلالها لسحب الشرعية من الجيش الليبي الساعي لتحرير البلاد من الإرهابيين والمرتزقة.
كما حذر خبراء ليبيون من المحاولات التركية لخلط الأوراق عن طريق إبرام اتفاق سياسي جديد شبيه باتفاق الصخيرات الذي أنتج حكومة الوفاق والتي سهلت التدخل القطري والتركي في البلاد.
تحركات مغربية
وفي أحدث تحرك من الرباط بغية حشد الدعم اللازم لمبادرة “اتفاق الصخيرات 2” بحث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، الأوضاع في ليبيا ومساعي المغرب لإيجاد حل للأزمة التي طال أمدها.
ويتمسك المغرب باتفاق الصخيرات كمرجعية أساسية لمعالجة النزاع الليبي وهو ما جعل مراقبون يرجحون أن الرباط تدفع نحو “اتفاق الصخيرات 2” لإيجاد تسوية للأزمة الليبية.
وتأتي هذه المستجدات في وقت تسارع فيه المغرب من وتيرة تحركاته حيث استضاف مؤخرا الفرقاء الليبيين «صالح» و«المشري»، وبات المغرب يستشعر أكثر من أي وقت مضى خطر التصعيد المتواصل في ليبيا خاصة مع تلويح تركيا بالهجوم على مدينة سرت الاستراتيجية حيث يتمركز الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
تناقضات «المشري» 
وكان خالد المشري، قد صرح أنه جاهز للقاء رئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح في المغرب وذلك في إطار الجهود التي تبذلها الرباط لحلحلة الأزمة الليبية حيث يدفع المغرب نحو «اتفاق الصخيرات 2».
ويرى مراقبون أن تصريح الإخواني خالد المشري باستعداده لملاقاة رئيس البرلمان يعكس جاهزية إسلاميي ليبيا للذهاب في “اتفاق الصخيرات 2” بالرغم من تصعيدهم المستمر على الأرض في محاولة قد تكون لتحسين شروط التفاوض خاصة بعد التدخل التركي لصالحهم في مواجهة الجيش الليبي. 
ويضيف المراقبون أنه لا يمكن الحديث عن «اتفاق الصخيرات 2» قبل معرفة موقف الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر والبرلمان من ذلك، حيث يشترط مجلس النواب أن تكون تركيا خارج المعادلة السياسية في البلاد وجعل سرت مقرا للسلطة كشرط لاستئناف الحوار السياسي.
كما يرفض الجيش، إلى جانب البرلمان، أن يُجرى أي حوار من أجل تسوية سياسية في ليبيا قبل مغادرة المرتزقة السوريين والعرب الذين جلبتهم أنقرة لدعم حكومة الوفاق.
وتُظهر تصريحات المشري تناقضات كبيرة حيث صرح قبل يومين أن حكومة الوفاق قادرة على بسط سيطرتها على كامل الأراضي الليبية وذلك خلال استقباله لوزيري الدفاع التركي والقطري.
وفي تصريحه لقناة “ميديا تي.في 1” المغربية، قال المشري “الأزمة الليبية لا يمكن أن تحل إلا عبر الطرق الدبلوماسية” مستبعدا بذلك الحل العسكري للأزمة التي تشهد جمودا كبيرا وسط تحشيد من حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين للهجوم على سرت التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي.
وقال المشري “هناك جهود تبذل من طرف المغرب تحت رعاية الملك محمد السادس، من أجل الدفع بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الليبية”، مضيفا أن “المغرب هو الذي احتضن الاتفاق السياسي الأول بين الليبيين (في إشارة إلى اتفاق الصخيرات عام 2015)”.
عواقب الصخيرات والمستفيدين
وفي ديسمبر 2015، وقع طرفا النزاع الليبي حينها اتفاقا سياسيا بمدينة الصخيرات المغربية، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، وإنشاء مجلس أعلى للدولة وهو مجلس استشاري لكن يهيمن عليه الإخوان المسلمون.
وتزداد التحركات والضغوط لوقف القتال واستئناف العملية السياسية في ليبيا في ظل تصعيد تركي ينذر بتوسع دائرة الاقتتال خاصة وأن تكديس أنقرة للمرتزقة السوريين والعرب يهدد أمن دول الجوار الليبي على غرار مصر والجزائر والمغرب وتونس.
ويعد أحد أبرز المستفيدين من اتفاق الصخيرات 2015، هو امحمد شعيب، الذي ظهر كلاعب سياسي من خلال دوره البرلماني في مرحلة ما قبل «الصخيرات»، لتقلده منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، ولعب خلال الاتفاق دور رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، إلى أن أتى “الاتفاق” بالسراج على رأس المجلس الرئاسي.
ولكن بعد رفض مجلس النواب حكومة السراج أكثر من مرة، لم يصمد شعيب في منصبه البرلماني، وتدريجا بدأ يختفي عن المشهد إلى أن أعلن استقالته في ديسمبر 2017، لأسباب اعتبرها خاصة.
ولم تمر شهور على استقالة شعيب من مجلس النواب، إلا وتبين أن ذلك القرار كان انشقاقا للانضمام إلى “فريق فائز السراج”.
وكشفت تقارير صحفية في أبريل 2018، أن شعيب انضم عقب استقالته إلى كتيبة محمد سيالة وزير خارجية السراج، وفاز بمنصب دبلوماسي في إسبانيا، لكنه كان وقتها طلب الانتقال إلى سويسرا كقائم بالأعمال لدى برن.
الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى