هل طالب “المشري” بمعاقبة من واجهوا الإرهاب في درنة وقنفوذة؟
في مشهد يعكس تناقض التصريحات والأحاديث لرئيس المجلس الاستشاري خالد المشري، واستمراره في قلب الحقائق، خرج مؤخرا مطالبا بمعاقبة ما أسماهم “مرتكبي جرائم الحرب” في قنفوذة ودرنة، وهي دعوة ضمنية لمحاسبة من واجهوا التنظيمات الإرهابية في هاتين المنطقتين، وعلى رأسها تنظيما داعش والقاعدة.
وزعم “المشري” في فيديو متلفز تابعته “الساعة 24″، بقوله: “فيه جرائم لا يمكن التجاوز عنها فيما يتعلق بالجرائم غير الإنسانية في ترهونة وجنوب طرابلس وقنفوذة ودرنة لا يمكن السكوت عليها”.
وتابع “المشري” زعمه قائلا: “في الحرب عفا الله عما سلف لكن جرائم الحرب لا يوجد عفا الله والمدان يجب أن يعاقب ولا يجب أن نرسخ لسياسة الإفلات من العقاب”.
ولعل المشري الذي ينتمي إيدلوجيا لجماعة الإخوان المسلمين المدرجة على قوائم الإرهاب، يحاول من خلال هذه التصريحات تبرئة أولئك الذين أمعنوا في إجرامهم وإرهابهم تحت ذريعة حماية ثورة فبراير مرة، وتطبيق شرع الله مرة أخرى، فالكثير يعلم أن مدينة درنة تعاقبت عليها جماعات إسلامية مسلحة وشهد أهلها الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبها اﻹرهابيين حيث خضعت المدينة رسمياً لسيطرة تنظيم الدولة بعد أن بايع “مجلس شورى شباب الاسلام”، الذي أعلن التنظيم تشكيله، أبو بكر البغدادي أميراً ، وأعلنوا ما سموه بـ ولاية برقة في عام 2014 .
وتناوب منذ ذلك التاريخ تنظيما داعش والقاعدة السيطرة على مفاصل المدينة، وإرهاب أهلها، حيث شهدت ساحات المدينة قبل تحريرها على يد الجيش، عمليات إعدام وتنكيل بالمواطنين، وفرض عقيدتهم الفاسدة على الأهالي.
لكن المشري الذي عرف بممارسة “التقية”، لا يهمه إظهار الحقيقة كاملة بقدر ما يهمه العمل لمصلحته، ومصلحة تنظيمه فهو ينادي بمحاكمة مجرمي الحرب، لكنه في ذات الوقت يتجاهل ما فعله مسلحو ميليشيات فائز السراج ونشروه على مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة من مقاطع توثق مرورهم الوحشي، الذي لم يستثن بشرا ولا حجرا في عدد من المدن الليبية، ومنها إعدامات ميدانية واعتقال وتعذيب واقتحام للمنازل ونهب محتوياتها وإحراقها وسلب الأملاك العامة والخاصة وتخريب المنشآت.
ووفق حقوقيين تصل مئات الجرائم المرتكبة من مليشيات الوفاق إلى مستوى الإبادة الجماعية في ترهونة وبني وليد والأصابعة وقصر بن غشير، ودرنة وغيرها. كما دخل أكثر من 4 آلاف عنصر من جبهة النصرة والمتطرفين الموالين لتركيا مدينة ترهونة، ما تسبب في نزوح الآلاف من المدنيين فيما تعرض من تبقوا في المدينة للقتل. ولم تقتصر انتهاكات الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق ومرتزقة تركيا في ترهونة وجنوبي العاصمة طرابلس، على استهداف المدنيين وممتلكاتهم فحسب، بل تسببت في نزوح 16 ألف شخص وفق تقديرات الأمم المتحدة. وأمام هذه التجاوزات الخطيرة، دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا حكومة الوفاق إلى فتح تحقيق في عمليات النهب وتدمير الممتلكات في ترهونة والأصابعة، فيما أعرب السفير الألماني في ليبيا عن صدمته إزاء التقارير الواردة عن انتهاكات حقوقية فظيعة في مدينة ترهونة، عقب دخول الميليشيات الموالية لحكومة فايز السراج إلى المنطقة.
يذكر أن هذه التصريحات التي أدلى بها “المشري” جاءت بعد فشل القائمة التي يساندها تياره في الفوز بالسلطة التنفيذية الجديدة.
الوسوم