الحبيب الأسود: «باشاغا» روّج لـ«محاولة اغتياله» حتى يحافظ على منصبه داخل الحكومة الجديدة
أكد الكاتب التونسي الحبيب الأسود، أن فتحي باشاغا، وزير داخلية حكومة الوفاق، روّج لمحاولة اغتياله المزعومة، حتى يستطيع أن يحافظ على منصبه داخل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة وبصلاحيات أوسع.
وقال الأسود، في مقال له: “طفت على سطح الأحداث الأخيرة في ليبيا موجة تشكيك مرتبطة برواية فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق بعد أن تعرض مؤخرا إلى محاولة اغتيال أثناء رجوعه إلى مقر إقامته بضاحية جنزور في العاصمة طرابلس، حيث انحصرت نقاشات المراقبين والمحللين حول ما إذا كان ما قاله تنصل من ورطة أمنية أم محاولة لتلميع صورته للاستمرار في منصبه”.
وأضاف “اعتبر مراقبون أن الحديث عن محاولة اغتيال فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق المحاط بموكبه الضخم الأحد الماضي، أمر غير قابل للتصديق، خاصة وأن المتابع ليس إزاء عملية انغماسيه من عمليات داعش أو القاعدة تعتمد على قوة تفجيرية هائلة، ويستند هؤلاء على ما توصل إليه المحققون الذين لم يكشفوا عن وجود أسلحة متطورة خارقة للمصفحات لدى المتهمين بتدبير العملية، وهم يدركون أنّ كل سيارات موكب باشاغا مصفحة، ولا يمكن للرصاص العادي أن يخترقها”.
وتابع “كل المؤشرات تؤكد أن مزاعم تعرض باشاغا لمحاولة اغتيال، لم تقنع إلا من يحاول الاقتناع بها عن مضض، أو من يريد للرجل أن يستمر في منصبه في حكومة الوحدة الوطنية، في حين أنه شخصية جدالية خلافية مرفوضة من جانب كبير من الليبيين، وفي أعقاب العملية، التي اهتزت لها العاصمة طرابلس، قال باشاغا في تصريحات صحافية: «إن إحدى السيارات بدأت في التعدي على موكبه وأن أشخاصا أطلقوا النار من داخلها، ما أدى إلى تبادل لإطلاق النار قُتل فيه أحد حراسه وأحد المهاجمين»”.
واستطرد “في تلك الأثناء، اندفعت جوقة الداعمين الإقليميين والدوليين لشخصه إلى إبداء التعاطف معه، واستنكار الحادثة، وإلى التذكير بوجود قضية مؤجلة في غرب البلاد، وهي نفوذ الميليشيات وانتشارها والسلاح المنفلت في غياب مؤسسات فاعلة للدولة المركزية، ولا أحد في طرابلس، يعرف طبيعة موكب باشاغا غير القابل للاختراق، الذي يعتبر الأضخم من نوعه، وربما منذ استقلال ليبيا، فالوزير لا يتحرك إلا وهو محاط بحوالي 60 سيارة مصفحة، يستقلها مسلحون موثوق بولائهم التام له”.
واستكمل “هذا المشهد يتكرر يوميا على الأقل في مناسبتين عند مغادرة باشاغا لمحل سكنه بجنزور في اتجاه الوزارة بوسط العاصمة وعند عودته، إضافة إلى تنقلاته بين الأحياء أو بين المدن، وكان من الطبيعي أن يتسبب الموكب بضخامته واحتياطاته الأمنية المشددة في تعطيل حركة المرور، وفي بث صورة الرعب الميليشياوي تحت غطاء رسمي، خصوصا وأن الوزير معروف بنزعته الاستعراضية التي يصرّ على اعتمادها في تقديم نفسه على أنه الرجل القوي في غرب ليبيا، والتي يرى المحللون النفسيون أنها تكشف عن «صنم دكتاتور» حقيقي ملتحم بالواقي من الرصاص الذي يتخفى وراء بدلته الأنيقة”.
وواصل “بعد أن قالت وزارة داخلية حكومة الوفاق إن باشاغا تعرض لمحاولة اغتيال، وروت تفاصيل مستوحاة من خيال ناسجيها وفق مقاس الهدف من ورائها، أصدر جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، الذي تم تأسيسه في يناير 2020 وبوصفه الطرف المتهم في الحادثة، بيانا أكد فيه تعرض موظفيه لحادثة إطلاق نار في الطريق الساحلي في منطقة جنزور”.
وأشار الكاتب التونسي، إلى أن الاتهامات الموجهة للجهاز تبدو مقنعة لباشاغا، إذا ينوب رئيس الجهاز أيوب الأمين أبوراس وحسن أبوزريبة، وموسى أبوالقاسم ممسوس، وثلاثتهم من أمراء الحرب المعروفين، وفق تقسيم ينم على رغبة فايز السراج في كسب ولاء ميليشيات المنطقة الغربية سواء في طرابلس أو الزاوية أو مناطق الأمازيغ بالجبل الغربي.
وأوضح أن مقتل الهنقاري (23 عاما) وهو من شباب مدينة الزاوية، الذين انضموا إلى جهاز دعم الاستقرار، يطرح أكثر من سؤال، فوزارة الداخلية تقول إنه قتل في تبادل لإطلاق النار مع حراسات باشاغا، فيما كشف تقرير الطب الشرعي بطرابلس، أن وفاته كانت بسبب كسور ونزيف داخلي ناتجة عن حادث مرور، وأن جثمانه خال تماما من أي رصاص أو شظايا.
وقال “إذن، ما هو الهدف من الحديث عن محاولة اغتيال وزير داخلية الوفاق؟ هناك، من يعتقد أن باشاغا يحاول الحفاظ على منصبه، ولكن على نطاق أوسع من وزير داخلية الوفاق إلى وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية، وبدل الاعتذار، وفتح تحقيق في ملابسات الحادثة، اتجه باشاغا إلى تصعيد الموقف نحو الاستغلال السياسي لكسب تعاطف أطراف يعتبرها مؤثرة في خيارات تشكيل حكومة عبدالحميد الدبيبة، ومنها الولايات المتحدة التي تعتمد عليه كثيرا، ما جعل السفير الأمريكي أول من يصدق الرواية ويعبّر عن تنديده واستنكاره لمحاولة الاغتيال المزعومة”.
وذهب إلى أن باشاغا، كان قد بادر بعد لحظات من وصوله من تركيا في التاسع من فبراير الجاري، وأمام جمع كبير من ضباط الداخلية، إلى إعلان نيته التوجه إلى المنطقة الشرقية، عملا على تحقيق المصالحة، ليحقق بذلك واحدا من أهم شروط الانتماء إلى حكومة الوحدة الوطنية، وفق الشروط الموضوعة من قبل الرعاة الدوليين، وفي خضم ذلك لا يزال باشاغا يفاوض القوى الدولية على ضرورة بقائه في منصبه لتنفيذ خطته بالقضاء على الميليشيات الخارجة عن القانون وجماعات التهريب والإرهاب والجريمة المنظمة، وفق تصنيفه الذي يشاركه فيه فاعلون خارجيون.
الوسوم