محللون: «الإخوان» يحاولون إدارة المشهد الليبي من الخلف تمهيداً للقفز مجدداً على السلطة
أثار تواري جماعة «الإخوان» عن المشهد الراهن بعد محاولات لتعضيد نفوذها في البلاد، الكثير من التساؤلات، ورجح البعض أسباب الأمر، إلى تراجع في أسهم الإخوان في الشارع الليبي في السنوات الأخيرة، في حين حذر آخرون مما أسموه السيناريو المرحلي والانسحاب التكتيكي، خصوصاً أن المرحلة الحالية «انتقالية» ولا يزيد عمرها على 10 أشهر، بينما تستهدف الجماعة الأوضاع المستقرة.
وأكد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، في تصريحات لصحيفة «الشرق الأوسط» أن الإخوان ليسوا خارج المشهد، وإنما يحاولون إدارته من الخلف بوجوه جديدة تمهيداً للقفز مجدداً على السلطة، قائلا: “الإخوان امتعضوا من رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة لاختياره شخصيات محسوبة على جماعة أخرى بتيار الإسلام السياسي في تشكيلته الوزارية دونهم”.
وقال التكبالي: “الجماعة منذ أن منيت بخسارة فادحة في انتخابات يونيو 2014 تتعمد التخفي إما وراء إخوان مستترين، أو موالين لهم، ويعتبرونهما الخيار الأفضل لتنفيذ مشروعهم السلطوي، وهذا ما تُرجم فعلياً في حكومة الوفاق التي غادرت السلطة أخيراً”.
وعلى عكس التكبالي، استبعد وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة المؤقتة، حسن الصغير، سيناريو «محاولة الإدارة من الخارج»، قائلا: “الإخوان في حالة خفوت بسبب عدم تمكن مرشحهم وزير داخلية الوفاق، فتحي باشاغا، من الفوز بقيادة السلطة التنفيذية الجديدة بالبلاد خلال عملية التصويت التي أجريت في ملتقى الحوار السياسي في فبراير الماضي”.
وحذر الصغير، من الارتكان إلى عملية الإيحاء التي تبديها الجماعة بكونها سلمت بخسارتها، وعدم الانتباه لمحاولاتها لعرقلة الانتخابات»، متوقعاً أن يكون ذلك عبر بوابة الدستور والخلافات حوله.
من جانبه، رأى رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، جمال شلوف، أن الجماعة تدرك أن قطاعاً كبيراً من المجتمع يحملهم مسؤولية أغلب الأزمات التي مرت بها ليبيا في السنوات الماضية، وبالتالي سيعملون عبر وجودهم المكثف في ملتقى الحوار السياسي، وتحديداً لجنته القانونية المعنية بوضع المسار الدستوري على إيجاد نظام برلماني أو نصف برلماني يضمن لهم هامشاً من المشاركة بالحكم.
وأضاف شلوف “أحذر من الأدوات العديدة، التي لا تزال بقبضة الجماعة وقد توظفها لإفساد المشهد وعرقلة أي إنجاز وإثارة التذمر بالمجتمع، أملاً في أن يؤدي ذلك لتعزيز فرصها بالعودة للسلطة. هم متغلغلون بقوة في صفوف المكونات الثقافية الليبية من تبو وطوراق وأمازيغ، واستطاعوا توظيف بعض مطالب هؤلاء لصالح أهداف جماعتهم السياسية”.
واستكمل “الإخوان وإن كانوا لا يملكون ميليشيات مسلحة خاصة بهم فإنهم عبر المال والنفوذ استطاعوا السيطرة على كثير من تلك الميليشيات في كل من غرب طرابلس ومصراتة ومسلاتة وجبل نفوسة، وأتوقع أن تركيا لن تكون بعيدة عن المشهد. فهي تعمل لإعادة تجميل وجوه بعض القيادات السياسية المعروفة للجماعة للدفع بها لخوض الانتخابات أو تفريغ وتلميع وجوه جديدة”.
وكان وزير الداخلية الليبي السابق، فتحي باشاغا، قد كشف في مقابلة مع جريدة «لوبوان» الفرنسية عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية» المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.
أما عضو مجلس الدولة بطرابلس، أحمد لنقي، فاعتبر أن ما يحدث ليس إلا عملية امتثال من قبل الإخوان للنصيحة التي وجهتها لهم شخصيات سياسية بضرورة التراجع للخلف خطوة، مضيفا “الجميع يعرف أن وجود الإخوان، بتلك الحكومة كان سيكون موضع انتقاد غير هين، نظراً لكثرة ممثليهم بملتقى الحوار السياسي الليبي، وانتشارهم في كثير من مفاصل الدولة، فضلاً عن أن بعض الشخصيات التي تتولى مواقع سيادية محسوبة عليهم”.
واستطرد لنقي “لا أعارض أحقية الذراع السياسية للجماعة أي (حزب العدالة والبناء) في خوض الانتخابات، طالما لم يلجأ للسلاح لفرض آيديولوجيته أو تحالف مع ميليشيات مسلحة، ولكن حظوظ الجماعة عام 2014 تراجعت لتحالفها بالفعل مع بعض الميليشيات، وبالتالي من المستبعد أن يكرروا الخطأ”.
لكن الكاتب والمحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، لا يتفق مع أن «الإخوان» استجابت لنصيحة أو أنها تراجعت في إطار مناورة، قائلا: “الجماعة فقدت جزءاً كبيراً من شعبيتها، ولقد دعموا قائمة ضمت باشاغا ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، في ملتقى الحوار السياسي”.
وتوقع الكبير تضاؤل فرص الإخوان في الحصول على نسبة تتوافق وطموحاتهم بالانتخابات المقبلة، لكنه رفض الحديث عن وجود بارز للإخوان في (الملتقى السياسي) أو تمكنهم من فرض أي نظام حكم بعيداً عن موافقة باقي القوى، مبررا ذلك بالقول: “الإخوان لم يتمكنوا من حشد الدعم لقائمة عقيلة صالح وباشاغا، وهناك قوى أخرى تشاركهم باللجنة القانونية وجميع مسارات وضع الدستور، وحتى تركيا التي تعد دعم الإخوان جزءاً من مصالحها، قد تنفتح بالوقت نفسه وبدرجة أكبر على الأطراف الأخرى، وذلك في ظل البراغماتية المعهودة للحزب الحاكم في تركيا”.
الوسوم