نائب رئيس «الحكومة» في حوار لـ«الساعة 24»: لن نسمح باستمرار تهميش أهل فزان وهدر حقوقهم
قال المهندس رمضان أبو جناح، نائب رئيس مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، إن أزمة السيولة النقدية كان ورائها عدة أسباب من بينها الحالة الأمنية وانهيار الأمن في فزان، وأن ملف الكهرباء يأتي على سلم أولويات حكومة الوحدة الوطنية ولن نتقاعس في تنفيذ تعهداتنا بتحسين أوضاع شبكة الكهرباء خلال المرحلة القادمة.
أضاف «أبو جناح» في حوار خاص لصحيفة «الساعة 24» أنه لم يصدر أي أوامر أو تعليمات بالاستيلاء على بيت الثقافة بسبها، وأنه على تواصل مستمر مع السيدة مبروكة توقي وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية، وأن كل أهل فزان يعلمون أنه بعيد عن أي اتهام بمحاولة إشعال الفتنة بين أبناء سبها.
وأوضح نائب رئيس مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، أنه على تواصل مع جميع الأطراف العسكرية والأمنية والشرطية من خلال مديريات الأمن بكامل مناطق فزان، وأن الجميع مستعد للعمل من أجل استعادة الأمن.. وإلى نص الحوار.
• إلى أين وصلت خطواتكم في تأمين الوقود، وتوفير السيولة، وحل أزمة الكهرباء بمناطق الجنوب؟
عملنا خلال الفترة التي سبقت جولتنا الموسعة لمنطقة الجنوب على تأمين وصول قافلة كبيرة لإمدادات الوقود لمستودعات الجنوب ومحطات الوقود، وقمنا بإجراء كافة الترتيبات التي تضمن وصول المحروقات للمواطنين بالأسعار الرسمية، من خلال التنسيق مع جميع الأجهزة والمؤسسة العسكرية والأمنية التي يقع على عاتقها تأمين وصول هذه الإمدادات، ولكن بعض المجموعات المستفيدة من حالة ضعف الدولة خلال السنوات الماضية والانقسام السياسي تمكنت بشكل مؤقت من عرقلة هذه الجهود، وقمت خلال جولتي باطلاع جميع مكونات فزان الاجتماعية والرسمية بتفاصيل ماجرى، ووضعت الجميع أمام مسؤولياتهم وواجباتهم من أجل حقوق المواطنين البسيطة والتي لم يكن من المفترض أن تكون محل تنازع أو مساومة.
أنا اليوم لا أعمل منفرداً، وكذلك حكومة الوحدة الوطنية تعزز موقف المؤسسات المسؤولة داخلها عن تأمين وصول الوقود وتخزينه بالمستودعات وضمان وصوله للمواطنين. نحن اليوم أكثر وحدة وتماسك واصرار في فزان على إنهاء معاناة المواطنين، كما بذلت حكومة الوحدة الوطنية بشكل سريع كافة الجهود من أجل تأمين وصول السيولة إلى الجنوب مباشرة بعد استلامها لمهامها، وأيضاً لا ننسى أن هذا الأمر هو نتيجة متوقعه لإنهاء الانقسام السياسي وتوحيد مصرف ليبيا المركزي.
• برأيك، ما هي أسباب أزمة السيولة خلال الفترة الأخيرة، وما هي جهودكم لحلحلة هذه الأزمة؟
أزمة السيولة النقدية كان ورائها عدة أسباب من بينها الحالة الأمنية وانهيار الأمن في فزان، وكذلك سبب متعلق بالنظام المصرفي وحالة الإنقسام داخله، بالإضافة إلى صعوبة إيصال السيولة بشكل آمن عبر وسائل المواصلات المختلفة. الآن نحرص على أن يستمر تدفق السيولة النقدية إلى فزان، وكذلك نعمل على عدم تكرار أزمات انقطاع السيولة بالجنوب، وناقشنا كافة الاجراءات المتعلقة بهذا الأمر خلال الاجتماع الذي جمعني بالسيد الصديق عمر الكبير قبل عيد الفطر المبارك. كما أن السيد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ملتزم بتنفيذ تعهداته المتعلقة بتوفير السيولة النقدية في مصارف الجنوب وكامل مصارف ليبيا.
وأما عن مسألة الكهرباء فلقد قمنا بزيارة محطات الكهرباء في أوباري ووقفنا على حالة خطوط إمداد الكهرباء وتابعنا الحالة المأساوية التي تعانيها وكيف يتم تدميرها بشكل ممنهج وللأسف بعض الليبيين متورطين في هذه الجرائم، ولن نتركهم ينجون بأفعالهم الإجرامية وحتماً ستعود للدولة هيبتها بمساعدة كل أبنائها ولن يستمر هذا الإفساد الممنهج لشبكة الكهرباء العامة. وملف الكهرباء يأتي على سلم أولويات حكومة الوحدة الوطنية ولن نتقاعس في تنفيذ تعهداتنا بتحسين أوضاع شبكة الكهرباء خلال المرحلة القادمة، وكذلك تحسين أوضاع موظفي الشركة العامة للكهرباء الذين يبذلون جهود كبيرة على الرغم من كل ما يتعرضوا له.
• وزارة الثقافة اتهمتكم بالاستيلاء على بيت الثقافة بسبها، وتحويله إلى مقرٍ لديوان الحكومة، ومحاولة إشعال الفتنة بين المكونات الاجتماعية بالمدينة.. ماتعليقكم؟
نحن على تواصل مستمر مع السيدة مبروكة توقي وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية، وجميع الأطراف ذات العلاقة بموضوع بيت الثقافة بسبها. لا يمكن أن نلجأ لاستخدام وسائل غير منضبطة للتعامل مع هذا الموضوع ولم يصدر عنا أي أمر ضد إرادة جزء من أهلنا في سبها ممن اعترضوا على أن يكون بيت الثقافة مقراً لديوان الحكومة، وقبل وصولنا لسبها كان هناك تجاذبات داخل المدينة، ونحن حريصون على ألا تؤثر على عمل حكومة الوحدة الوطنية في سبها التي جاءت لخدمة الناس وليس لترويعهم أو الاستخفاف بالقيمة الثقافية.
بطبيعة الحال نحن لسنا مسؤولون عن الخلافات العميقة بين مكونات سبها الاجتماعية خلال السنوات الماضية، وهذا واقع مؤسف عملت شخصياً خلال السنوات الماضية من خلال موقعي الاجتماعي وجهودي ضمن الإطار الاجتماعي بمنطقة فزان على معالجة الكثير من الأزمات التي حصلت بين الإخوة وأبناء العمومة والجيران من مكونات سبها وجوارها. وبالتالي فإن كل أهل فزان يعلمون أنني بعيد عن أي اتهام بمحاولة إشعال الفتنة بين أبناء سبها.
نحن بصدد تثبيت مقر ديوان حكومة الوحدة الوطنية في منطقة فزان، وهذا الأمر هو لصالح أهلنا ومن أجل خدمتهم، وفي نفس الوقت عملية الاختيار تراعي كل الخلفيات وتتفهم كل المخاوف لجميع الأطراف، وبالتالي فإن الحوار هو طريقنا لحسم خياراتنا، ولن نكون إلا عامل مساعد على التفاهم وإشراك الجميع في بسط سيطرة الدولة وتقديم الحكومة للخدمات الأساسية وخدمة المواطنين.
• هل يتوفر للجنوب حالياً الإمكانات والبنية التحتية لإقامة المناطق الحرة، وهل بإمكان الحكومة العمل بسرعة على إنجاز الدوائر الزراعية؟
كل المشاريع التنموية والاستراتيجية تتطلب وجود حالة من الاستقرار المجتمعي والأمني، ونحن نبذل جهودنا من أجل توحيد جميع مكونات فزان وإشراكهم في خطط التنمية. نحن نؤمن أن التنمية توحد وأن الحرب تفرق، ولذلك كل جولاتنا في المنطقة كانت تحذر من استمرار حالة انقسام فزان الاجتماعي أو السياسي، وأننا يجب أن نتحد من أجل مصالحنا، ولذلك رفعنا شعار من أجل ليبيا نحمي حقوق فزان.
جميع المشاريع التنموية ومشاريع البنى التحتية مرتبطة بوحدتنا في فزان و التفافنا حول حكومة الوحدة الوطنية القادرة في هذه الحالة على تطوير الدوائر الزراعية التي تضمن فرص عمل كبيرة للشباب وتسهم في تزويد السوق الليبي بجزء من احتياجاته الزراعية. وتكون نموذجا مثاليا لما يمكن أن يجنيه الليبيون من خيرات أرضنا، في طريقنا نحو تنويع مصادر دخلنا وعدم استمرار حالة الاعتماد على مداخيل النفط فقط، أو الاعتماد على الوظيفة العامة للحصول على مرتبات شهرية.
يمكن لحكومة الوحدة الوطنية أن تنجز بسرعة مراحل التأسيس لمثل هذه المشاريع وبعضها يحتاج فقط لصيانة وخدمات متعلقة بتوفير مواد ومعدات فنية، وبعد ذلك يمكن للسلطات المنتخبة القادمة أن تحقق كل ما يصبو إليه أبناء فزان من مشاريع بنى تحتية وشبكات طرق تحد من خسائرنا الفادحة للأرواح جراء استخدام الطرق غير المعبدة وغير الصالحة أصلاً للاستخدام.
• هل يمكن للجنوب أن يلعب الدور الأهم في المصالحة الوطنية، وخاصة بين الجناحين الشرقي والغربي؟
عمليا تمكن حكماء وأعيان الجنوب في أكثر من مناسبة وحادثة من الإصلاح بين الليبيين في شرق وغرب البلاد، والليبيون يكنون المشاعر الطيبة لفزان وأهلها. ولكن حالياً نحتاج للعمل أيضاً على إنجاز ملف المصالحة داخل الجنوب وأن تكون مصالحة مبنية على المصارحة والعدالة وجبر الضرر والتفاهم على أن السلام هو مدخل التنمية وأن التنمية تعود على أبنائنا بالخير بدلاً من الحروب والأحقاد. وفي نفس الوقت لن تتخلى فزان عن واجبها في جمع الليبيين، نتطلع إلى أن تكون كل مدن وقرى فزان بنفس قيمة غدامس عند الليبيين التي باتت تعرف عند الليبيين والعالم بأنها أرض للسلام وعنوان لتجمع الليبيين.
• بصراحة.. هل ثمة تنسيق وتواصل بينكم، وبين أعضاء مجلس النواب عن فزان، أم أن كل طرف له أجندته ونظرته للجنوب؟
العمل السياسي والنيابي بطبيعة الحال مرتبط بالمصالح والمصالح المتبادلة، وبالمناورات السياسية، وهذا ضمن الإطار المتعارف عليه. ولكن حقوق الناس وحاجاتهم لا يمكن أن تكون محل خلاف أو مساومة.
سعينا منذ استلامنا لمهامنا على الانفتاح على جميع المكونات السياسية بفزان، ومؤخراً نلاحظ أن كل ممثلي المنطقة باتوا أكثر إدراكًا لخطورة المرحلة وأننا قد نعوض فرصة تنمية مناطقنا وأن نكون سبباً في ضياع الجنوب وبالتالي ضياع ليبيا بالكامل وحرمانها من خيرات الجنوب من نفط ومياه وكافة مقدراته. نعم هناك تواصل بيننا، ونلمس تقديرهم المتزايد لمسؤولياتهم ورغبتهم في خدمة أهلنا في فزان، وكذلك تحقيق الاستقرار في كامل ربوع ليبيا. وأما عن نظرة كل طرف للأوضاع في الجنوب، فنحن ندرك أن الجميع يدرك خطورة الموقف، ولن يضع مصالح أهله محل مساومة.
• الوضع الأمني الهش في الجنوب يشكل أكبر تحدٍ للحكومة.. إلى أين وصل عملكم على هذا الملف الهام؟
السنوات الماضية وفي ظل عجز الحكومات وحالة الانقسام السياسي والحروب، تأثرت الأوضاع الأمنية بشكل مباشر وأصبحت خطيرة لدرجة أننا خسرنا الكثير من أبنائنا بسبب هذه الأوضاع. اليوم أمامنا فرصة من خلال حكومة الوحدة الوطنية على استعادة سلطة الدولة.
منذ استلامي لمهامي وأنا اتواصل مع جميع الأطراف العسكرية والأمنية والشرطية من خلال مديريات الأمن بكامل مناطق فزان. والجميع مستعد للعمل من أجل استعادة الأمن. ولدينا خطة متكاملة لهذا الأمر.
لن نعتمد فقط على العامل الاجتماعي الذي كان بارزاً في مواجهة بعض الخروقات الأمنية خلال السنوات الماضية. بل سنعمل على توحيد كافة المؤسسات ذات العلاقة بالحالة الأمنية، والصلح والتفاهم بين قياداتها، وبعد ذلك إطلاق عمليات أمنية موسعة مدعومة بقبول ومساندة أهل فزان، تضرب كل أوكار ومجموعات الإجرام سواء الليبية أو المرتبطة ببؤر خارجية.
الاستقرار الأمني يعني الازدهار لفزان وعودة الشركات الأجنبية، واستمرار التدهور الأمني يعني تحول الجنوب لوكر للمجرمين الذين يهددوا أمن دول الجوار واستقرارها. السيد رئيس الحكومة ووزير الداخلية لديهما استعداد عال المستوى لاستعادة هيبة الدولة في فزان، وأنا بصدد الإشراف على تنفيذ خطة أمنية موسعة لمسنا لدى كل المكونات والقوى الفاعلة التي قابلناها على دعم تحركنا في اتجاه ضبط الأمن وحماية المواطنين.
• مهجرو مرزق.. متى يعودون، وماهي الضمانات لاستقرارهم في بيوتهم وبلدتهم من جديد؟
ملف المهجرين هذا ملف شائك وتفاصيله مؤلمة، وللأسف مخجلة بالنسبة لنا في فزان، من المعيب أن تستمر حالة التوتر والقطيعة والعداء بين مكونات الجنوب التي عاشت لعقود حالة من السلام والاستقرار.
لا يجب أن تستمر معاناة أهلنا في مرزق، وحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها لديهم رغبة حقيقية في إعمار مرزق وكافة مناطق الجنوب، وكذلك عودة سكانها وإنجاز ملف المصالحة داخل مرزق خصوصاً وفزان بشكل عام.
الضمانات هي التزامنا جميعاً بمبدأ العيش المشترك والوئام المجتمعي، وعودة المحاكم والنيابات للعمل، والأجهزة الأمنية والعسكرية تعيد انتشارها بشكل مهني ومحترف يخدم المواطنين ولا يتورط في أي صراعات سياسية تقود إلى عمليات عسكرية وفوضى تسمح للحاقدين أن يشعلوا النيران داخل مرزق أو غيرها. الدولة القوية تمنع مثل هذه الممارسات وتضمن حقوق المواطنين.
• هل لازال تهديد مكونات الجنوب بإغلاق الحقول النفطية قائماً؟
التلويح باللجوء إلى إغلاق حقول النفط صدر عن مجموعات وقوى تشعر بالخيبة والانزعاج لما يعانيه أهل فزان في ظل تجاهل السلطات خلال السنوات الماضية لمعاناتهم. ونحن نرى أن الإغلاق للحقول والموانئ النفطية في مناطق أخرى من ليبيا لم يحقق قبل سنوات أي فائدة تنموية لهذه المناطق، وتحول إلى وسيلة للتعبير السياسي عن رفض التهميش.
لذلك السؤال يجب أن يكون هل يمكن أن يسمح أهل فزان باستمرار تهميشهم وهدر حقوقهم … طبعاً الإجابة لا نسمح بذلك، وأنا أسعى بكل جهدي لافتكاك حقوقهم وكذلك زملائي الوزراء من فزان وممثليها في كافة السلطات. وكما قلت سابقاً من أجل ليبيا جميعنا نحمي حقوق فزان.
الاستماع لمطالب جميع قوى فزان هو أمر حيوي لتجنب مثل هذه الاجراءات التي تهدد إمدادات النفط للشمال، وكذلك فإن تجريم ردات الفعل بدون دراسة مسبباتها يفاقم الأزمات ولا يحلها. ولذلك سعينا خلال جولتنا من أجل توحيد مكونات فزان من أجل أن تكون داعمة لجهود ممثليها في المجلس الرئاسي والحكومة من أجل توفير الحياة الكريمة لأبنائها ويمكن العودة والاطلاع على إعلان سمنو وقد تضمن تقريباً كل مطالب الجنوب، وهي مطالب يشترك معهم قطاع كبير من الليبيين في عدالتها وأهميتها لاستقرار وتنمية ليبيا.
• مجال عمل رمضان أبوجناح هل هو الجنوب بشقيه الشرقي والغربي، أم أن مهامه تتعدى ذلك؟
أنا اشغل منصب نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، وإن كنت ممثلاً لفزان، ولكن أيضاً أنا مسؤول أمام كل الليبيين عن تقديم الخدمات لهم، المواطنين من شرق وغرب ليبيا هم مواطنون ليبيون بالدرجة الأولى والتقسيمات الجغرافية قد تكون تقسيمات إدارية أو مناطقية ولكن لا يمكن أن تعلو فوق الانتماء لليبيا كدولة واحدة موحدة. أنا عندما أرى السيد حسين عطية وهو نائب لرئيس الحكومة عن برقة يعمل من أجل خدمة الليبيين في فزان، فهذا أمر طبيعي ويعبر عن تماسك حكومة الوحدة الوطنية وقيادتها. وكذلك أنا أعمل من أجل دعم جهود رئيس الحكومة في الملفات المتعلقة بخدمة المواطنين وتأمين حاجاتهم الأساسية وكذلك تثبيت الاستقرار والسلام في ليبيا والتجهيز للانتخابات وتوحيد كافة المؤسسات الليبية التي عانت من الانقسامات خلال السنوات الماضية.