صدمة في صفوف التنظيم الدولي للإخوان بعد تغيير اسم “فرع ليبيا”
في خطوة وصفها مراقبون بالتلوّن وتغيير الجلد، أعلن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا والمدرج على قائمة الإرهاب بقرار من مجلس النواب، تحوله إلى جمعية تحمل اسم “الإحياء والتجديد”، الأمر الذي سبب شرخا داخل التنظيم على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة في ظل تحليلات ترجح الإقدام على هذه الخطوة بضغط من تركيا التي سخر التنظيم السابق أو الجمعية الجديدة أجندتها لخدمة مصالح أنقرة وأجندتها في المنطقة، باعتبار توحد الأهداف الأيديولوجية للتنظيم الدولي الذي يسيطر هو الآخر على مفاصل الدولة التركية، برئاسة رجب طيب أردوغان.
غير أن “إخوان ليبيا” سابقا و”جمعية الإحياء والتجديد” حاليا لا يزالون ينكرون هذه التحليلات، لذا رصدت “الساعة 24” حوارا مهما حول تخلي التنظيم عن اسمه القديم وتحوله للجديد، شارك فيه عدد من رموز التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وهم العراقي أنس التكريتي، والفلسطينيان عزام التميمي وحافظ الكرمي، والليبي عاشور الشامس، إضافة إلى عضو مجلس إدارة “الإحياء والتجديد” عمر الوحيشي.
حوار إخواني
وجاء هذا الحوار في لقاء ببرنامج “حوار لندن” عرضته قناة الحوار الممولة قطريا في 7 مايو الماضي، وهو ما تسرده “الساعة 24” في تقارير متتابعة، إذ كشف حديث الضيوف خلال الحلقة عن صدمة داخل صفوف التنظيم الدولي للإخوان من التلون الجديد لفرع ليبيا، الذي يتنكر لبيعة المرشد ومكتب الإرشاد في مصر والذي تم نقله مؤقتا إلى تركيا، فبحسب زعم عمر الوحيشي فإنهم ينفصلون ماليا وإداريا عن التنظيم الدولي.
ودافع الوحيشي عن التغيير الجديد معتبرا أنه تغييرا شكليا فقط وليس جوهريا فلا يزالون يتمسكون بنفس الفكر والمنهج الإخواني، مبينا أن إخوان ليبيا في السنوات الأخيرة باتوا منبوذين من عوام الشعب في الشارع، بعدما فضحت القنوات الإعلامية ممارساتهم، لذلك لجؤوا إلى فكرة تغيير الاسم منذ 2015 حتى نفذوها هذا الشهر، إلا أن هذا السبب لم يكن مقنعا للضيوف، ورأى الشامس أن أزمة الإخوان تعد أزمة هوية داخلية.
وتطرق اللقاء إلى التجارب السابقة لبعض فروع التنظيم الدولي والتي لم تؤت ثمارها من تغير الاسم إذ إن فضح ممارساتهم لا زالت مستمرة، فبحسب رأيهم هجوم من “محور الشر” وأذرعه، بل صور لهم خيالاتهم أن هذا الهجوم على الإخوان يستهدف الإسلام نفسه.
وشرح الوحيشي أنهم استبدلوا عددا من المسميات فالبيعة باتت تسمى بالعهد، والمنهج الإخواني صارت تدعى ميثاقا، لكنه لم يخف أن هذا القرار أثر على الصف الداخلي وتسبب في انشقاق حاول التهوين من شأنه، والمداراة على النار الداخلية بين أعضاء التنظيم.
صدمة “التلون”
وعبر عزام التميمي، والذي يعد سمسار التمويل القطرى لقنوات الإخوان، عن صدمته من هذا التغيير لفرع الإخوان بليبيا، مع ذلك حاول إيجاد مبررات قائلا: “أنا متأكد أن الأخوة في ليبيا لديهم تفسير وتبرير أن يغيروا الاسم أو يظهروا بمنصة جديدة باسم جديد” على حد قوله.
وأضاف عضو التنظيم الدولي: “من حيث المبدأ ما في مشكلة في تغيير الاسم، لكن المشكلة الحقيقة هي في الفهم الذي وراء تغيير هذا الاسم، يعني إذا كان المقصود من تغيير هذا الاسم هو تلافي الهجمة الشرسة التي تشن على الإخوان، أنا لا أظن أن هذا سيتحقق، لأن الهجوم ليس على تنظيم وليس على اسم، الهجوم على فكرة” وفق ادعائه.
واستكمل سمسار التمويل القطري لقنوات الإخوان: “الناس الذين يحملون هذه الفكرة (في إشارة إلى أيديولجية الإخوان) حتى لو لم يكونوا من الإخوان هم يوصفون بأنهم إخوان، ويراد أن تلصق بهم تهمة الإرهاب، لماذا؟ لأن الذي يحارب هذه الأيام ليس فئة من الناس وليس تنظيما معينا، وإنما الذي يحارب هي فكرة تطالب بالإصلاح والتغيير وتطالب بالحرية والكرامة إلخ، وهي الفكرة التي يحملها الإخوان المسلمون منذ أن نشؤوا” على حد زعمه.
ومن جانبه، أبدى أنس التكريتي، الذي تصنف بأنه قائد “الذراع المخابراتية” لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا، هو الآخر صدمته من بيان تحول إخوان ليبيا إلى جمعية جديدة باسم الإحياء والتجديد، وقال: “كمتابع للشأن الليبي ومهتم بجملة شؤون الحركات الإسلامية، وصل لي عدد من البيانات، والذي فهمته هو أن هناك منظمة جديدة، لكن طبعا يوجد عدد من المسائل التي أثارت تساؤلات عندي، الأمر الأول هو فعلا لماذا؟”.
وأردف قائد “الذراع المخابراتية” لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا: “سؤال لماذا، باعتقادي هو سؤال محوري، والسبب بحسب البعض يرجع للهجمة المستعرة على الإخوان المسلمين في المنطقة وبالأخص من محور الإمارات السعودية ومصر والذي هو فاعل في الساحة الليبية، وشوّه إلى حد ما وشيطن اسم الإخوان” على حد زعمه.
توقيت وانشقاق
وانتقد التكريتي هذا السبب، فبرأيه أنه “لا طائل من وراء إنشاء هذه المؤسسة الجديدة أو غيرها مستقبلا أو ما ذلك، لأن هذه المسألة هي المتعلقة بالفكرة”، مضيفا: “كانت لدينا إرهاصات بأن هناك محاولة انقلابية، وكان الحديث والنقاش عن محاولة ربما تقودها أطراف متعلقة بمصر أو فرنسا، وكذلك فاعلة في مصر، وكذلك هي تقوم بمحاولة الالتفاف على الاتفاقية الأخيرة التي أبرمت، هذا كان الأمر الذي يشدنا إلى الساحة الليبية، وصدور مثل هذا القرار (الإحياء والتجديد) في هذا الوقت أيضا كان محل تساؤل، تُرى هل كان بالإمكان ترك أو تأجيل هذا الإعلان لفترة يكون الأخبار إلى حد ما تسمح بمداولة هذا الموضوع بشيء من العمق وبحاجة أكثر من الفهم”.
ورأى حافظ الكرمي القيادي الإخواني الفلسطيني والذي يقيم في لندن، أن القرار جاء مستعجلا ما أدى إلى عدد من السلبيات كـ”الانشقاق داخل الحركة الإسلامية أو الإخوان المسلمين الليبيين”، ووجه السؤال للقيادي الإخواني الليبي عمر الوحيشي: هل بالفعل هذا الانشقاق كان عميقا يؤثر على أداء الإخوان في داخل ليبيا أو أنه انشقاق سطحي؟
قيادات بالتنظيم الدولي
وقبل أن ترصد “الساعة 24” في تقريرها القادم عن دفاع القيادي الإخواني الليبي عمر الوحيشي عن مبررات الإقدام على التحول إلى “الإحياء والتجديد”، توجز في السطور التالية، ما أوردته تقارير إعلامية عن ضيوف الحلقة .
فعزام التميمى يعد سمسار التمويل القطرى لقنوات الإخوان، ولد بالخليل الفسطينية ثم هاجر مع عائلته إلى الكويت، ومنها إلى لندن، حيث حصل على الجنسية البريطانية، وتدرج داخل التنظيم الدولى للإخوان عبر إحدى نوافذه وهو ما يسمى بـ”الرابطة الاسلامية فى بريطانيا” ، وهو حاليا مسئول فى قناة “مكملين” ورئيس قناة “الحوار” وصاحب شركة تورد معدات البث لفضائيات جماعة الإخوان.
ويعتبر أنس التكريتي، مؤسس ورئيس مؤسسة قرطبة التي تعني بشئون حوار الحضارات في لندن، أهم وجوه التنظيم الدولي للإخوان في أوربا، ومهندس علاقات الجماعة بالحكومات الغربية.
وولد أنس أسامة التكريتي بغداد 9 سبتمبر 1968، وغادر العراق في سنة 1970م في سن الثانية، واستقر مع أسرته بالمملكة المتحدة، وتصف بعض وسائل الإعلام العرية والأجنبية، أنس التكريتي، بأنه رئيس مخابرات الإخوان، وأنه قائد “الذراع المخابراتي” لتنظيم الإخوان المسلمين في أوروبا.
أما حافظ الكرمي فهو فلسطيني الجنسية ولد عام 1961 بطولكرم، ويعمل أستاذ دراسات إسلامية بقسم الدراسات الإسلامية بكلية لندن الإسلامية، وتقدمه وسائل الإعلام الإخوانية بصفته رئيس المنتدي الفلسطيني في بريطانيا، وأخرى بصفته المسؤول الإعلامي بهيئة علماء فلسطين بالخارج.
وتشير تقارير إلى أن عاشور الشامس إخواني ليبي يقيم في لندن، وتقدمه القنوات الإعلامية للإخوان بصفته معارضا سياسيا سابقا، أما عمر الوحيشي فهو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين بليبيا وعضو مجلس إدارة جمعية الإحياء والتجديد المتحولة عن الإخوان.