سيف الإسلام: ليبيا أنفقت بالسنوات الماضية مليارات الدولارات دون بناء مشروع واحد
حمّل سيف الإسلام القذافي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما المسؤولية عما حدث في ليبيا، كاشفا عن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان إلى صف النظام السابق، ووصف “الانتفاضات بأنها مؤامرة خارجية تُحاك منذ زمن بعيد”.
وجاء ذلك في أثناء مقابلة مع مجلة “نيويورك تايمز”، وقال الصحفي الأمريكي “روبرت وورث” إنها تمت في الزنتان خلال شهر مايو الماضي.
فبحسب الصحفي الأمريكي قال سيف الإسلام: “إنه رجلٌ حرٌّ وإنه يرتّب لعودته إلى الساحة السياسية”، وبشأن الاتهامات الموجهة ضده، أكد أنه “واثق من قدرته على تخطي تلك المسائل القانونية إذا اختارته أغلبية الشعب الليبي ليكون قائدًا لهم”.
وتذكر سيف الإسلام خطابه خلال أحداث عام 2011، مشيرا إلى أنه “ألقى الخطاب بعد وقت قصير من زيارة أبيه، وأنه فخور بخطابه، فما تنبّأ به قد تحقق بالفعل”.
ويرى سيف الإسلام أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وليس معمر القذافي، هي من يتحمل مسئولية الدمار الذي حلّ بليبيا، متابعا: “كان العالم بأسره يقف معنا، ولم يكونوا بحاجة للتوصل إلى تسوية”.
وأضاف أن “وسائل الإعلام العربية شيطنت نظام القذافي إلى درجة جعلت من المستحيل إقامة حوار بين الجانبين، والمتمردون عقدوا العزم على تدمير الدولة، وأن أي مجتمع قبلي مثل ليبيا يضيع بدون دولة”، واستكمل: “ما حدث في ليبيا لم يكن ثورة، يمكنك أن تسميها حربًا أهلية أو أيام شؤم، لكنها لم تكن ثورة”.
كما وصف سيف الإسلام “ربيع وصيف 2011 بمسلسل من الأزمات السريالية”، مبينا أنه تلقى اتصالات هاتفية من زعماء أجانب كانوا يعتبرونه على الأرجح وسيطًا بينهم وبين أبيه.
وواصل: “أحد المتصلين المعتادين كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ففي البداية كان في صفّنا ضد التدخل الغربي، ثم بدأ يقنعني بمغادرة البلاد”، منوها إلى أن أردوغان وصف الانتفاضات بأنها مؤامرة خارجية تُحاك منذ زمن بعيد.
ويرى سيف الإسلام أن “حرب 2011 قد انبثقت عن التقاء توترات داخلية كانت تعتمل منذ وقت طويل مع أطراف خارجية انتهازية، من بينهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي”، وأضاف: “كانت عدّة أمور تحدث في آن واحد، زوبعة عارمة”
وعبر سيف الإسلام عن تخوفه على ليبيا في الأيام الأولى من أحداث 2011 بعد عودته من الخارج، متابعا: “حذّرتُ الجميع وقلت: أسرعوا الخطى في مشاريع الإسكان وفي الإصلاحات الاقتصادية، لأنكم لا تعرفون ما الذي سيحدث في المستقبل، لإجهاض أي مؤامرة ضد ليبيا، وجئتُ إلى بنغازي وقلت: علينا أن نُسرع الخطى، غير أن عناصر عدّة داخل الحكومة كانت تعمل جاهدةً ضدي”.
وتطرق الحوار إلى فترة اعتقاله، إذ قال سيف الإسلام إنه “لم يكن على اتصال بالعالم الخارجي خلال السنوات الأولى من اعتقاله، وأنه قضى بعض هذه الفترة في مكان أشبه بالكهف، وهي غرفة تحت الأرض شُقّت وسط الصحراء أسفل منزل في بلدة الزنتان، ولم يكن بالغرفة أي نوافذ، ولم يكن يميّز الليل عن النهار أغلب الوقت، وكان وحيدًا تمامًا، وأدرك أنه قد يموت في أي لحظة، فازداد إيمانًا، وذات يوم في مطلع عام 2014، تلقى زيارةً غيرت مجرى حياته”.
وحكى سيف الإسلام قائلا: “اندفع رجلان من كتيبة الزنتان إلى غرفته الصغيرة، بدا عليهما الغضب والانزعاج وأرادا التحدث، وكان لأحدهما ابن أصيب بطلقة في رأسه أثناء تبادل إطلاق النار مع ميليشيا منافسة من مدينة مصراتة، وأعرب الرجلان عن شعورهما بالحسرة، ولم يكن هذا الشعور نابعًا من خسارتهما الشخصية فحسب، وقفا محنيَّي الظهور داخل الغرفة التي كانت تتسع بالكاد لثلاثتهم، وأخذا يسبّان الثورة ويقولان إنها كانت غلطة وإن سيف الإسلام وأباه كانا محقّين”، ويضيف سيف أنه “ظل يستمع إليهما وهو يشعر بأن شيئًا ما يتغيّر”.
ولفت سيف الإسلام إلى أن ليبيا أنفقت على مدار العقد الأخير مليارات الدولارات دون بناء مشروع واحد، ودون وضع حجر بناء واحد، وذهبت تلك الأموال إلى المتربحين الذين يمولون ويدعمون المليشيات الصغيرة حتى يضمنوا استمرارية هذه اللعبة.
وأشار إلى غياب مفهوم الدولة في ليبيا منذ عام 2011، فلم تكن الحكومات المختلفة التي حكمت البلاد منذ ذلك الحين سوى مجموعة من المسلّحين يرتدون البدلات، مضيفا: “ليس من مصلحتهم أن تكون لدينا حكومة قوية، ولذا فهم يخشون الانتخابات، إنهم يعارضون فكرة وجود رئيس ودولة وحكومة ذات شرعية مستمدة من الشعب”.
وأكد أن ليبيا بحاجة إلى انتخابات حرة ونزيهة وأنه محقٌّ في أن أحداث 2011 جلبت ويلات على ليبيا، وأن وضع البلاد الآن أسوأ، بصورة ما، مما كان عليه في عهد أبيه، وأن المتسببين فيها كانوا أشرارًا وإرهابيين وشياطين.
وعن رأيه في الأحداث المشابهة في الدول العربية الأخرى في العام نفسه فيما يعرف بالربيع العربي، قال سيف الإسلام دون لحظة تردّد واحدة: “العرب الحمقى دمّروا بلدانهم”، واستطرد بأنه لا يحمل أي انتقادات لعهد والده الذي استمر 40 عامًا، مشيرًا إلى أن بعض السياسات الاشتراكية في الثمانينات ربما تكون قد خرجت عن مسارها، لكن والده أدرك ذلك وصحّح الوضع.
ووصف الصحفي الأمريكي “الكتاب الأخضر” بالجنون، لكن سيف رد موضحا: “لم يكن جنونًا، تناول الكتاب أمورًا أصبح الجميع يعرفونها اليوم”، مضيفًا أن مختلف الأفكار التي اكتسبت رواجًا في الغرب – مثل الاستفتاءات العامة، وخطط تملّك الموظفين للأسهم، ومخاطر الملاكمة والمصارعة – تعود أصولها إلى “الكتاب الأخضر”.
وتحدث سيف عن أنه بدأ يفكر في خوض غمار السياسة في وقت مبكّر جدًّا من حياته، مؤكدا أن أكثر اللحظات فخرًا في مسيرته السياسية قبل عام 2011، كانت وساطته في 2009 لإطلاق سراح ضابط المخابرات الليبية عبد الباسط علي المقرحي، وهو المُدان الوحيد في قضية تفجيرات لوكربي، وسأله الصحفي الأمريكي عن السبب، فقال إنه وعد المقرحي بإعادته إلى البلاد، مبينا أنه لم يعرف الحقيقة الكاملة عن التفجيرات، وأن تلك الحقيقة طُمست بفعل المزاعم المتعارضة والثغرات في جمع الأدلة.
وبحسب الصحفي الأمريكين فإن سيف الإسلام أخبره بسرٍّ أثار دهشته، “وهو أن والده كان قد توقف عن امتطاء جواده بعد المذلة التي لحقت بليبيا جراء القصف الأمريكي لطرابلس عام 1986، وأنه عاود امتطاء الجواد بعد تفجيرات لوكربي”
وعندما ذكرت حادثة “أبو سليم”، قال سيف الإسلام إن “معظم الليبيين يعتقدون أن النظام كان متساهلًا جدًّا وأنه كان ينبغي قتل جميع السجناء في سجن أبو سليم، اذهب إلى بنغازي، واسأل أي شخص، سوف يقولون لك إنهم لم يُنهوا المهمة”.
وبحسب الصحفي الأمريكي يعتقد سيف بأنه كان هناك استخدام مفرط للقوة في سجن أبو سليم، لافتا إلى أن “من كانوا في أبو سليم كانوا إرهابيين إسلاميين، ولقد شاهد الناس ما فعلوه في السنوات العشر الأخيرة”.
وعن علاقته بالمواطنين، قال سيف: “نحن نشبه السمك والشعب الليبي يشبه البحر، من دونهم نموت، هنا نحصل على الدعم، هنا نختبئ، هنا نقاتل، نحن نحصل على الدعم من هذا المكان، الشعب الليبي هو البحرُ لنا”.
الوسوم