بوكليب: «الكبير» هو من سيحدد هوية الفائز في صراع السلطة

أكد الكاتب الصحفي جمعة بوكليب، أن هناك مصطلحا يسمى «صانع الملك» والذي يعني وجود شخص أو مجموعة لديهم نفوذ يحددون من خلاله هوية من سيتولى الحكم في دولة ما، مشيرا إلى أن الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي هو من يستحق هذا اللقب والذي سيحدد الكفة الراجحة في الصراع الدائر على السلطة والحكم.
وقال بوكليب في مقال له، بصحيفة «الشرق الأوسط»: “مصطلح «صانع ملك» ليس جديداً. تقول المصادر التاريخية إنه نُحت في بريطانيا، في القرن الخامس عشر، خلال الحرب الأهلية ويُعرّف بأنه شخص أو مجموعة أشخاص لديه/ لديهم نفوذ هائل حول من سيتولى العرش أو الحكم، من دون أن تكون له/ لهم فرصة فعلية ليكونوا مرشحين لذلك المنصب. وهو/ هم، بإمكانهم استخدام وسائل سياسية أو مالية أو دينية أو عسكرية، للتأثير على قرار من سيتولى الحكم”.
وأضاف “باختصار، من يستحق أن يطلق عليه اللقب يكون كمن يقف أمام كفتي ميزان متعادلتين، ويضع ثقل نفوذه في إحدى الكفتين فترجح عن الأخرى، مقابل مكافأة متفق عليها، والحديث عن صانع أو صانعي الملك يفضي بدوره إلى السؤال عن الشخص أو الأشخاص الذين بمقدورهم الاضطلاع بهذا الدور، في الصراع المحتدم هذه الأيام في ليبيا، بين السيدين: عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، وغريمه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» المكلف”.
وتابع “النظرة الأوّلية على اللاعبين الموجودين على المسرح، تشير إلى استبعاد قادة الجماعات المسلحة من الدور، رغم الثقل الذي يحملونه في الصراع. كما تشير، أيضاً، إلى استبعاد المشير خليفة حفتر، ورئاسة مجلس النواب، ومجلس الدولة، لإمكانية أن يكون الملك القادم واحداً منهم. هذا الاستبعاد الأوّلي يقودنا إلى لاعب آخر هو السيد الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي”.
واستطرد “الصديق الكبير يتموضع، منذ سنوات، بقوة نفوذه، من خلال سيطرته على قلعة مصرف ليبيا المركزي، في دائرة صغيرة يحتلها بنفسه منذ سقوط النظام العسكري، وصار كشمس تدور حولها عدة مدارات متفاوتة الأحجام والسُّرعات. لذلك، من الممكن أن نطلق عليه لقب «صانع ملك»”.
واستكمل “تجارب الأعوام الماضية أثبتت أن أي رئيس حكومة في ليبيا، لن يكتب له النجاح والاستمرار في مهامه، إذا فشل في الحصول على دعم صاحب القلعة المصرفية. ومن الممكن القول: إن فشل حكومة الوفاق الوطني السابقة، يُعزى، في كثير من مناحيه، إلى سوء العلاقة الشخصية التي جمعت رئيسها فائز السراج بالصديق الكبير. وأن بقاء عبد الحميد الدبيبة على رأس حكومة الوحدة الوطنية، إلى وقتنا هذا، ما كان ليتحقق لولا الدعم الذي يقدمه صاحب القلعة”.
وواصل “هناك سؤال آخر، يتعلق بموقف «الكبير» من حكومة الاستقرار ورئيسها المكلف فتحي باشاغا. وإلى حد الآن، وكعادته، يلتزم محافظ مصرف ليبيا المركزي الصمت، حيال ما يحدث من تجاذبات سياسية وتهديدات عسكرية. وموقفه هذا لا يختلف عما رأينا من مواقفه السابقة، في عديد من الأزمات السياسية. الحذرُ ديدنُ السيد الكبير، وحصنه الذي يتخندق وراء أسواره. وهو، إن أمكن الوصف، كلاعب ورق بارع، يملك حاسة سادسة، اكتسبها من خلال طول إقامته في القلعة المصرفية العتيدة، تتيح له الاطلاع على ما في أيدي خصومه من أوراق، من دون أن يعرفوا ما بحوزته”.
وختم بوكليب مقاله، بالقول: “صمتُ السيد الصديق الكبير، في الصراع الدائر حالياً، بين المتنافسين على الحكومة، مثار تساؤلات. والحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن الموقع المهم الذي يتموضع فيه بقوة الكبير يجعله قادراً على ترجيح كفة من يختار من المتنافسين في السباق على رئاسة الحكومة. والجائزة: مواصلة احتفاظه بمفاتيح خزائن مصرف ليبيا المركزي. فهل يخرج صاحب القلعة عن صمته، ويُحسم الأمر سريعاً، أم يؤجل ذلك إلى اللحظات الأخيرة؟”.