تقرير استقصائي أمريكي: إدارة أوباما نقلت ترسانة أسلحة الجيش الليبي إلى سوريا بعد 2011

كشف تقرير استقصائي نشره موقع “ريل كلير إنفستغيشن” الأميركي تفاصيل جديدة بشأن ارتباط الولايات المتحدة بصناعة الإرهاب في ليبيا بعد عام 2011، متطرقا إلى مجموعة من صناع الإرهاب شرعوا بمهامهم إبان عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وما زالوا يمارسون نشاطهم الحكومي في عدة مناصب مختلفة، في عهد الرئيس الحالي جو بادين.
وقال التقرير إن المجموعة تضم “جيك سوليفان” مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية “أنطوني بلينكين” ونائبته “ويندي شيرمان” ومستشار الوزارة “ديريك شوليت” ومبعوث المناخ “جون كيري” ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية “سامانثا باور” ومنسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط “بريت ماكغورك”.
وأضاف التقرير الاستقصائي أن جهود هذه المجموعة تسببت في الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي ومن ثم مقتل السفير الأميركي الأسبق “كريستوفر ستيفنز” و3 أميركيين آخرين في مدينة بنغازي عام 2012، وذبح عدد لا يحصى من المدنيين وخلق ملايين اللاجئين وإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ووفقًا للتقرير أتاحت الإطاحة بنظام العقيد الراحل القذافي فرصة تاريخية للولايات المتحدة، بهدف الاستفادة من أسلحة القوات الليبية لبناء ترسانة سلاح للتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، مثل “القاعدة” و”داعش” بدعم من حلفاء واشنطن في أنقرة والدوحة.
وبحسب التقرير وبالاستناد إلى وثائق رفعت عنها السرية وتقارير واعترافات متفرقة لمسؤولين أميركيين، منها ما ورد لدى وكالة استخبارات الدفاع، فقد تم شحن الأسلحة من المستودعات العسكرية الليبية السابقة الموجودة في مدينة بنغازي عبر مينائها إلى مينائي بانياس وبرج إسلام في سوريا.
ووفقًا للوثائق تم شحن شحنة في أغسطس من العام 2012 تضم 500 بندقية قنص و100 قاذفة صواريخ “آر بي جي” مع 300 قذيفة و400 صاروخ هاوتزر، مشيرًا إلى توقف إرسال الشحنات في أوائل سبتمبر من ذات العام ما يدل على تاريخ مقتل “ستيفنز” ورفاقه الـ3.
وبينت تصريحات المسؤولين الأميركيين أن مدينة بنغازي كان في جوهرها مقرا لعمليات وكالة المخابرات المركزية، وفيها عمل ما لا يقل عن 20 من موظفي الوكالة بغطاء ديبلوماسي، وأنهم مارسوا أدوار مختلفة في نقل الأسلحة من ليبيا إلى سوريا.
وأوضحت الوثائق وجود اتفاق بين أوباما وتركيا لنقل أسلحة من ليبيا إلى سوريا بعملية تأسست في أوائل العام 2012 بإدارة “ديفيد بترايوس” مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك، فيما قال مسؤول استخباراتي أميركي: إن مهمة قنصلية بنغازي الوحيدة كان توفير غطاء لنقل الأسلحة من دون أي دور سياسي حقيقي.
وبحسب الوثائق فقد تم تغليف مهمة “ستيفنز” السرية بغلاف ديبلوماسي لأهميته القصوى في برنامج وكالة المخابرات المركزية؛ إذ تم قبل أكثر من عام من تعيينه سفيرًا في ليبيا في يونيو من العام 2012 إسناد مسؤولية له تتمثل في الاتصال الأميركي مع المناهضين لنظام العقيد الراحل القذافي.
وأضافت الوثائق أن منصب “ستيفنز غير الديبلوماسي مكنه من العمل مع الجماعة المقاتلة المرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي وزعيمها عبد الحكيم بلحاج، وهو أمير حرب قاتل إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان وتم تعيينه بعد العام 2011 رئيسًا لمجلس طرابلس العسكري، الذي كان يسيطر على الأمن بالعاصمة.
وبحسب الوثائق لم تقتصر مهام حليف تنظيم “القاعدة” الإرهابي عبد الحكيم بلحاج على ليبيا ما بعد العام 2011؛ إذ سافر في نوفمبر من ذات العام إلى تركيا للقاء قادة الجيش السوري الحر المدعوم من وكالة المخابرات المركزية، بهدف تكريس سلطات ليبيا آنذاك لتوفير أموال وأسلحة للسوريين.
وأشارت الوثائق إلى رسو سفينة ليبية تحمل شحنة كبيرة من الأسلحة في الـ14 من سبتمبر من العام 2012 أي بعد 3 أيام فقط من مقتل “ستيفنز” ورفاقة الـ3 في ميناء الإسكندرون التركي لتشق حمولتها وطريقها فور تفريغها إلى المناهضين عسكريًا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكدت الوثائق أن التفاصيل المعروفة لساعات “ستيفنز” الأخيرة في الحياة في الـ11 من سبتمبر من العام 2012 تشير إلى أن شحن الأسلحة كان على رأس جدول أعماله، فعلى الرغم من أنه أقام بالعاصمة طرابلس ويواجه تهديدات عنيفة إلا أنه قام برحلة خطيرة إلى مدينة بنغازي بالتزامن مع ذكرى الأحداث المريرة.
وتحدثت الوثائق عن واحد من آخر اجتماعات “ستيفنز” المجدولة مع رئيس شركة “المرفأ” للشحن والخدمات البحرية وهي شركة ليبية متورطة في نقل الأسلحة إلى سوريا ومع القنصل التركي العام “علي سايت أكين”، في ذات اليوم الذي تم فيه شحن السلاح من مدينة بنغازي التي تواجد فيها القتيل للتفاوض على الشحن.
وبينت الوثائق أن مقتل السفير الأميركي الأسبق قاد لإغلاق القناة الليبية لتصدير السلاح إلى سوريا لتتجه الولايات المتحدة لاستخدام بدائل أخرى، من دون أن تبين على وجه التفصيل الأدوار التي مارستها المجموعة المكونة لطاقم بايدن السياسي في ليبيا.