الدبيبة يفتح باب الجدل حول علاقة «بيتكوين» بأزمة الكهرباء

أحدث عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، حالة من الجدل الواسع بشأن تصريحاته الأخيرة حول احتلال ليبيا المركز الثاني على مستوى العالم لتعدين البيتكوين، وعلاقتها بأزمة الكهرباء التي أنهكت البلاد، وزادت حدتها مع بداية فصل الصيف.
وقال عبدالحميد الدبيبة، في كلمة له خلال مشاركته في معايدة المجلس البلدي مصراتة، إن عملات البيتكوين يجري تعدينها في ليبيا، وهو ما يؤثر على قدرات الشبكة الكهربائية.
وأوضح الدبيبة:« قالوا لي مصنع العملات البيتكوين موجود في ليبيا، وليبيا هي رقم 2 على مستوى العالم لتعدين البيتكوين»، مؤكدًا أن «80% من المعلومات الخاصة بتعدين البيتكوين في ليبيا صحيحة.
تصريحات الدبيبة، لاقت ردود أفعال متباينة لمراقبين ومستثمرين في تلك العملة في ليبيا، فمنهم من أيده في استهلاك العملة للتيار الكهربائي، في المقابل حمل البعض حكومته مسؤولية الرقابة على جهات تعدين العملة الإلكترونية وعدم تحصيل رسوم استهلاك التيار الكهربائي.
واتهم المستثمرون والمراقبون، عبدالحميد الدبيبة، بالتقصير في تحمل مسؤولياته تجاه أزمة «البيتكوين» وتوسع نشاطها في ليبيا دون تقنين لها أو وضع آلية استهلاكها للتيار الكهربائي مستغلا عدم تحصيل الفواتير، مع غياب كامل للسلطات عن المشهد، مؤكدين أن مشكلة الكهرباء أكبر من مسألة البيتكوين في ليبيا.
مشكله الكهرباء أضخم من «البيتكوين»
وقال مهند الحسان، وهو مستثمر ليبي في العملات الرقمية، أن “تعدين البيتكوين” عملية رقمية تستخدم فيها أجهزة حاسب آلي بقدرات معينة تسمى “أجهزة التعدين”، وتحتاج إلى مصدر كهربائي قوي وأيضا تبريد مستمر في الجهاز، وأصبحت هناك “مزارع” حول العالم تستخدم في تلك العملية، مردفا أنه لإيضاح تلك المسألة بطريقة مبسطة، فإن إنتاج عملة بيتكوين واحدة قد تتطلب استهلاك كميات من الكهرباء تكفي قرية صغيرة لمدة معينة.
وأضاف الحسان، خلال تصريحات صحفية لـ«سكاي نيوز» رصدتها «الساعه 24»، أن هناك شركات حول العالم تضخ عشرات الملايين من الدولارات لإنتاج “بيتكوين”، وهي عملية ستتجه إلى الانتهاء تقريبا في عام 2028، وذلك مع الإجراءات الدولية التي ستفرض قيودا صارمة على تداول وتعدين العملات الإلكترونية.
وأشار إلى صدور تقرير نهاية العام الماضي كشف عن تمثيل ليبيا 0.9 في المئة من قوة تعدين “بيتكوين” في العالم، أي أن هناك ما يتراوح بين 1000 و1500 ميغاوات تهدر في تلك العملية.
وأضاف: “ليبيا بالأساس لديها عجز في إنتاج الكهرباء يصل إلى نحو 4000 ميغاوات”، مردفا أن “رخص تكلفة الطاقة في ليبيا جعلها وجهة للشركات والعصابات العاملة في هذا المجال، التي تستغل غياب القوانين والسلطة التي تمنعهم من استعمال الكهرباء لغرض التعدين”.
ولفت إلى أنه “بالفعل هناك نشاط تعدين للعملة الرقمية في ليبيا ازدهر خلال آخر أربع أو خمس سنوات، مستغلا عدم تحصيل فواتير كهرباء، مع غياب كامل للسلطات عن المشهد”، مكملا: “كيف دولة عددها ستة ملايين نسمة تستهلك كهرباء أكثر من المغرب الذي يتجاوز عدد سكانه 36 مليون نسمة.. لكن في النهاية مشكلة الكهرباء في ليبيا أكبر من مسألة بيتكوين فقط”.
بدوره، أكد مصدر في شركة نوافذ للشحن بمصراتة، الواقعة غرب البلاد، رصد نشاط “مزارع التعدين” طيلة السنوات الماضية “دون حسيب أو رقيب”.
وأوضح المصدر أن هناك الكثير من الليبيين اتجهوا إلى هذا النشاط، عبر استيراد أجهزة حواسب خاصة من الصين بتجهيزات معينة، ومعدات أخرى كـ”المبردات” وبكميات كبيرة للغاية.
وأضاف أن شركة الشحن تفطنت في الآونة الأخيرة لهذا النشاط “الغريب”، وبدأت في إضافة بعض تلك المعدات ضمن الشحنات المحظور استيرادها من الخارج.
سرقة ونهب
من جانبه، قال علي رحيل، أن البيتكوين والعملات الرقمية الثانية عملات افتراضية تقدر تصنعهن بروحك في حوشك بسهوله جدا وتبيعهن دولارات أو دينار ليبي كاش بواسطة لابتوب مواصفاته عالية وجهاز تعدين حقه يبدا من 500 دولار، القصة في العالم الثاني إن عملية التصنيع تستهلك كهرباء لذلك أصبحت صناعة البيتكوين غير مجديه، في ليبيا الوضع مختلف لأن الكهرباء للأسف أغلبها مسروقة لذلك ليبيا مكان مغري جدا لصانعي البيتكوين الغير شرعيين.
وأضاف أنه بحسب موقع كامبريدج ليبيا الأول أفريقيا وعربيا في صناعة العملات الرقمية وهذا سبب مهم جدا بل بلا شك أهم سبب في العجز اللي صاير فالشبكة الكهربائية حاليا”.
سخرية من الدبيبة
أما مختار الجدال فقال: “الدبيبة عزا سبب انقطاع التيار الكهربائي إلى تصنيع عملة البيتكوين، تمام طالما أنت عرفت لماذا لم تتخذ الإجراءات حيال أولئك الذين قصدت، بعض الشعب لا يعرف البتكوين أساساً فهمنا يادبيبة”.
ومن جانبه، قال حسام القماطي:” بخصوص العار اللي قاله رئيس الوزراء بخصوص البيتكوين والتعدين في ليبيا حنكون مختصر جدا… أول حاجه مفيش حاجه اسمها “مصنع لوغرثميات” أسمها تعدين و التنقيب عن البيتكوين و ليبيا ليست الأولي أو حتي في 10 الأوائل عالميا “.
وأضاف أن “التعدين موجود في ليبيا و هناك نشاط و لكن أيضا النشاط ليس قريب من التغطيه الأعلاميه الموجودة والارقام المبنية في CBECI ليست أرقام قطعية، أما بخصوص الحوايات اللي قال عليهم صاحب مصطلح ” مصنع اللغورثمايات ” فهيا مخصصه لتبريد و للحفاظ على asic miner “.
وذهب العديد من النشطاء إلى التهكم، إذا قال يوسف الرحيبي: ” مسكين البيتكوين قداش يعاني”، في إشارة إلى أزمة الكهرباء، أما إبراهيم بلقاسم فقال “معش نبي ضيء.. نبي حصتي من البيتكوين بس”، في إشارة إلى أزمة السيولة.
هكذا جاءت غالبية تعليقات النشطاء والمختصين في المجال الرقمي، انتقادات بشأن عدم وعي الدبيبة بما يقوله ما جعل ليبيا مثار سخرية العالم، وانتقادات بشأن عدم اتخاذ إجراءات لردع القائمين على تعدين العملة وتوفير الكهرباء.
دفاع مبهم وغير مفهوم
فيما دافع مروان الدرقاش، الناشط المقرب من المفتي المعزول الصادق الغرياني، عن مزاعم عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بشأن وقوف عمليات تعدين العملات المُشفرة والبيتكوين وراء انقطاعات الكهرباء.
وكتب الدرقاش على فيسبوك: ” الهجوم الغريب الذي يتعرض له موضوع تناول تعدين البيتكوين من قبل رئيس الحكومة، يجعلنا نقف لنتسائل، هل من يدير مزارع التعدين في ليبيا متخوفون من لفت الأنظار إلى هذه المسألة؟، إذا صح ذلك فلا غرابة لهذا الهجوم”، وفق تعبيره.
اجتماع الخصوم.. باب لتبرئة الدبيبة
واستمات أيضا سليمان بن صالح محلل قنوات الإخوان المسلمين للشأن العسكري، في الدفاع عن مزاعم عبد الحميد الدبيبة بشأن وقوف عمليات تعدين العملات المُشفرة والبيتكوين وراء انقطاعات الكهرباء.
وقال بن صالح، عبر حسابه على “فيسبوك”: “بمجرد أن يلتقطوا أي تصريح من رئيس الحكومة في أي موضوع يتخذون منه سبباً لضخ كمية هائلة من النقذ اللاذع والسب والشتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولا غرابة في ذلك، فقد اجتمعت عليه كل الخصوم ولم يتحِدوا أو يتوافقوا في شيء قدر توافقهم على العداء لشخص عبدالحميد الدبيبة.. الإخوان، الكرامة، الاستقرار، الخضر، بعض المحسوبين على فبراير” وفق تعبيره.
وتابع قائلًا: “كلهم اجتمعوا على الكيد لرئيس الحكومة، ترى أي مصلحة مشتركة لهؤلاء تجعلهم يقفون صفاً واحداً ضد شخص الدبيبة بينما يعرف كل الليبيين مقدار ما يحمله أحدهم للآخر من حقد ورغبة في الاجتثات؟” وفق قوله.
تقارير دولية تكشف مزاعم الدبيبة
كما أشار تقرير كاميريج بتكوين إيليكتريستي كونسامبشن إيندكس” المنشور في أغسطس 2021، إلى أن ليبيا تعدن بتكوين بنسبة 0.13%، متصدرة بذلك الدول العربية الأكثر تعدينا للعملة، إلا أنه أشار إلى أن الصين حلت في المركز الأول بنسبة 65%، ما يعني أن ليبيا ليست من الدول المتصدرة في العالم في صناعة العملة الافتراضية.
أكد ذلك تقرير مركز كامبريدج للتمويل البديل ومجلة فوريس لشهر أغسطس 2021 أن الولايات المتحدة، وكازاخستان، وروسيا، وكندا، وأيرلندا من أكبر الدول في تعدين بتكوين.