تأييد دولي ومحلي لاجتماع الفرقاء العسكريين.. و”شذوذ” الغرياني يدفعه للحرب

حظي اجتماع القادة العسكريين والأمنيين من المنطقتين الشرقية والغربية في بنغازي أول من أمس الجمعة، بتأييد كبير لمريدي السلام والاستقرار في ليبيا، وقلب الطاولة على المتمسكين بخيار الحرب وعلى رأسهم المفتي المعزول الصادق الغرياني وعدد من المليشيات المسلحة بالمنطقة الغربية.
حدث تاريخي
فالاجتماع الذي عقد برعاية البعثة الأممية واللجنة العسكرية المشتركة “5+5″، هو الثاني بعد 12 يوما على لقاء مماثل في طرابلس، وتميز بروح وطنية وشجاعة، ونص في بيانه الختامي على الاتفاق على البدء في معالجة مشاكل النازحين والمهجرين والمفقودين وضمان العودة الآمنة لهم، مع التأكيد على استعداد الحاضرين لتقديم كافة أشكال الدعم لتأمين الانتخابات.
ودعم الطرفان جهود لجنة “5+5” العسكرية لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، واتفقا على تبادل المعلومات بشأن المحتجزين لدى الطرفين واتخاذ خطوات عملية لتبادل المحتجزين بأسرع وقت، مع تحديد موعد لاجتماع قادم عقب شهر رمضان بمدينة سبها.
مبادرة سلام
وفي ترجمة عملية على جهود التوافق وفتح بوابات الحوار والبناء والمصالحة على مصراعيها، بادرت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية بالإفراج عن 6 موقوفين من المنطقة الغربية على ذمة قضايا أمنية أمس السبت.
ويعوّل المبعوث الأممي عبدالله باتيلي على قدرة العسكريين على الاتفاق في اجتماعاتهم المقبلة على وضع خطوات عملية تمهدا للعودة الآمنة للنازحين ولإطلاق سراح المعتقلين، واعتماد ميثاق شرف يرسم معالم بيئة سياسية مواتية تلتزم بتأمين انتخابات حرة ونزيهة وبتأييد نتائجها، الأمر الذي يهيئ الظروف اللازمة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا.
تمهيد لحل الأزمة
واستبشر الليبيون خيرا بالاجتماع الذي رأوا فيه حدثا تاريخيا، إذ رأى عبدالرحيم البركي الكاتب والمحلل السياسي أن لقاء القادة العسكريين والأمنيين الليبيين في بنغازي يعزز الثقة في ثمرة اللقاءات السابقة، ويضع عن الفرقاء إصْرَهم والأغلال التي كانت عليهم بسبب التدخل الخارجي.
وفي هذا الإطار، رحّب عضو مجلس الدولة أحمد أبوبريق بنتائج اجتماع بنغازي، قائلا: “نشد على أيديهم لدعم الحل السياسي”، مشيرا إلى أن الأزمة في ليبيا بالأساس أمنية ولو نجحت هذه الاجتماعات ستمهد لحلها كليا.
طبول الحرب
في المقابل انحاز نشطاء منتمون لـ”بركان الغضب” في المنطقة الغربية ضد غلق كل أبواب الصراع، ويقودهم في هذا الطريق المفتي المعزول الصادق الغرياني الذي دعا أنصاره للقتال والابتعاد عن الصلح ولم الشمل، قائلا إنكم ما زلتم تملكون أمركم بفعل توفر السلاح في أيديكم ويجب عليكم عدم قبول المؤامرة التي تحاك”، ويرى محللون أن هذا التطرف ضد المصالحة يهدف الغرياني من ورائها للحفاظ على مصالحه وموارده المالية التي يتحصل عليها من الموازنة العامة سنويا.
وتلقفت مليشيات مسلحة في المنطقة الغربية دعوة الغرياني معلنة إعادة تفعيل ما يسمى بـ«اتحاد ثوار ليبيا»، وزعمت أنها ستدافع عن مقدرات الشعب، مطالبة الدول الداعمة مساندتهم، وفقا لتعبيرهم.
وتبريرا لنهج الفوضى ومعارضة الجهود الساعية إلى السلام والاستقرار، روّج الموالون لهذا المعسكر اتهامات للعسكريين من المنطقة الغربية المشاركين في الاجتماعات بالعمالة، وخيانة عهودهم بمواصلة الحرب التي راح فيها العديد من الشباب اللبييين، ففيصل الشريف، محلل قنوات الإخوان للشأن السياسي، والموالي لرئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قال في منشور له بـ”فيسبوك”: “سياسيّونا رضخوا لعقيلة برلمان ومجلس دولة، وسوف يعتمد قوانين الانتخابات كما يريد كما اعتمد التعديل الدستوري، وعسكريّونا وأمنيّونا أذعنوا لحفتر وبدأ في تطويعهم بنجاح، هذا كله لا يحتاج لأن نفتح أعيننا أساسًا لنراه بجلاء!”، حسب وصفه.
إشادة دولية
وفي أول ردود الفعل الدولية، سارع السفير الفرنسي مصطفى مهراج بالإشادة بلقاء وفدي العسكريين والأمنيين بالمنطقتين الشرقية والغربية في بنغازي، قائلا في تغريدة عبر “تويتر”: “شكرا للمبعوث الخاص عبد الله باتيلي لوضع الأسس لإعادة السلم والأمن بليبيا “.
ولطالما دعت السفارة الفرنسية لدى ليبيا إلى بدء عهد جديد من المصالحة الوطنية في كل المناطق الليبية، أعلنت عبر “تويتر” دعم باريس الكامل لجهود باتيلي لتأمين إجراء الانتخابات الليبية في عام 2023.
بدوره أجرى السفير والمبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند اتصالا مع باتيلي أمس السبت، لشكره على جهوده لتعزيز التوافق الوطني حول الانتخابات في ليبيا، مشيدا في الوقت نفسه بالقادة العسكريين والأمنيين الذين التقوا في بنغازي والتزامهم بسيادة ليبيا واستقرارها السياسي من خلال الانتخابات ومغادرة المقاتلين والقوات والمرتزقة الأجانب.
غير أن كلا من السفارة البريطانية والإيطالية والألمانية والتركية لم تبد أي تعليق على الجهود الأخيرة لباتيلي، رغم أن سفراء هذه الدول المتنفذين في ليبيا، أعربوا في وقت سابق عن دعمهم الكامل لمبادرة المبعوث الأممي لإجراء الانتخابات في ليبيا هذا العام.