ليبيااخبار مميزة

قناة ألمانية تقلب الحقائق وتدعو لنشر المسيحية في ليبيا

خرجت قناة “دويتشه فيله” الألمانية بتقرير عن حملة الاحتجاز التي نفذها جهاز الأمن الداخلي ضد الخلايا التي شكلها مدرس أمريكي الجنسية في مناطق مختلفة من البلاد، للعمل على تشويه صورة الإسلام في عيون الليبيين، واستقطابهم إلى المسيحية.

واستعرض تقرير القناة الألمانية جهود جهاز الأمن الخارجي عبر برنامج “جعغر توك” المثير للجدل في قضاياه، محاولا قلب الحقائق، وتشويه الجهاز بوصفه بالمليشيا.

تزييف حقائق

ولعلنا نتجاوز ردود الليبيين اللاذعة على هذا التقرير المزيف عبر صفحة القناة، والتي من ضمنها ما قاله عاصم الحواسي: “انتقاء شخصيات منحرفة عن أغلب آراء المجتمع، وإسقاطها على بقيته تزوير للحقيقة والواقع، بإمكانكم إجراء استبيان لتتوصلوا لحقيقة الأمور، شيء من المصداقية رجاء”، أو قول ساندرا ناصر: “إذا كان هناك قانون حول الردة فيجب احترام القانون وتطبيقه، فلكل بلد قوانينه الخاصة”، أو على عبد الله: “إذاعات وصفحات تافهة تروج السموم لا تستحق ولايشرفنا الدخول إليها، الحذف والمقاطعة”.

ونُعرّج إلى السؤال الذي يقفز إلى الذهن مباشرة بعد الاستماع إلى هذا التقرير الوهمي، بما هول حال المسيحيين الذين هم من جنسيات مختلفة على أراضي الليبية، وهل يتأذون في حياتهم ويُجرّون مثيدين بالسلاسل إلى السجون بسبب عبادتهم الخاصة بهم أو صلاتهم أو صيامهم؟

والحقيقة أن الواقع الذي دعا الليبييون القناة إلى النزول إليه والاغتراف منه، يكشف خيط الحقيقة بعين بصيرة، فهذه “البروباجندا” الوهمية لا أساس لها من الصحة فالمسيحيون المقيمون في مختلف الأراضي الليبية يجاورون المسلمين من أبناء الجنسية الليبية دون المساس بحريتهم في الاعتقاد، بل وقف الليبيين ضد الإرهابيين الذين تجرأوا يوما بالانتقام من 21 مصريا مسيحيا على شواطئ سرت، لأسباب سياسية مع الحكومة المصرية، ولم تكن نابعة عن انتقام ديني، وواصلوا حربهم حتى اقتلعوهم من جذورهم.

القصة وما فيها

أذاع جهاز الأمن الداخلي قبل أيام اعترافات لمواطن ليبي كشف فيها عن ارتداده عن الإسلام قبل سنتين واعتناقه المسيحية من خلال باكستاني، تعرف عليه عبر صفحات على موقع “فيسبوك” تدعو للتبشير في ليبيا، ومن ثم قام الرجل بتنصير أبنائه وزوجته، وأفصح أيضا بعملهم على تشكيل خلايا في مدن ليبية للهدف نفسه، ونجحوا في تغيير معتقدات عدد من الليبين، ونظموا حفلات للقاءاتهم في عدة مناسبات.

وهنا علت أصوات حقوقيين ليبيين مغلفة بالاتهامات المُعلّبة ضد الجهاز، بالكيدية في هذه القضية ضد المواطن الليبي وأن الاعتراف المسجل والمنشور عبر صفحات الجهاز المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما هي إلا افتراءات أُجبر على الاعتراف دون إيضاح هؤلاء لأسباب اعتقادهم غير ما يبدو منها شماعة “نظرية المؤامرة”

وتلى ذلك اعتراف للباكستاني المذكور في أقوال سابقه الليبي، بأن مديره في العمل أمريكي الجنسية أغواه للتنصر على يديه، وإلى هنا لم يثر لُعاب الحقوقيين أكثر مما قيل في سابقه، غير أن ظهور الأمريكي صاحب مركز تدريب يديره في طرابلس إلى العلن وإدلائه باعترافاته بكل شفافية، عن خلاياه وعمله الخفي داخل العاصمة، لتجنيد عدد من الليبيين وآخرين من جنسيتن أخرى في خططه التي يزعم أنها تهدف لزيادة عدد المسيحيين في بلد المليون حافظ للقرآن الكريم كما يعرف عنها، ومن بين هؤلاء الضحايا فتاة أغواها بالتنصير وهي في سن 15 عاما، وآخرين كشفوا عن عطاءات وهمية مالية وقطع أراضٍ وُعدوا بها مقابل إعلان ارتدادهم.

وهنا قامت قائمة الحقوقيين من داخل ليبيا وخارجها، واعتلت شاشات القنوات الإخبارية تصريحات متحدث وزارة الخارجية الأمريكية التي وصف جهاز الأمن الداخلي بالمليشيا، وتوجيه طلبه للسلطات الليبية بالإفراج عن مواطنه، لكنه لم يرجع طلبه إلى مبدأ “حرية الاعتقاد” التي يرددها الحقوقيون الليبيون خاصة دون فهم فحوى القضية التي يتفنون بها.

الجماعات السرية

بالرجوع إلى الدستور الليبي نجد أنه ينص على سيادة ليبيا على أراضيها والالتزام بقوانينها وتشريعاتها، ودور مؤسساتها في تنفيذ هذه التشريعات، فمن بين هذه المؤسسات جهاز الأمن الداخلي الذي ناهز عمره السبعين عاماً، ويمتدّ تاريخه منذ عهد المملكة وتوالت التسميات عليه ختى أُعيدت تسميته الحالية، وتمنحه التشريعات النافذة عدة اختصاصات منها حفظ كيان الدولة، وحماية أمنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومكافحة الإرهاب، والظواهر الهدامة والمخاطر والتهديدات التي تستهدف قيمها الدينية والاجتماعية.

ومن هذه التهديدات التي يضعها الجهاز في ملفات عمله الجماعات السرية التي يتم تشكيلها لأغراض تستهدف القيم الدينية والاجتماعية، وسبق للنائب العام المستشار الصديق الصور، الإعلان في مارس 2022 عن إجراء تحقيقات مع خمسة متهمين ضمن جماعة سرية تحت اسم حركة “التنوير”، واعترافهم بأنهم يدعون للإلحاد، ويرفضون الأديان، ويتعمدون الإساءة إلى الدين الإسلامي.

ةالمساس بالعقيدة الدينية التي ينعم بها المجتمع تعتبرها مؤسساته تجاوزا وانتهاكا لأمنها القومي، وهذا ليس في ليبيا فقط، فأمريكا التي تروج لصورتها بـ”جنة الديمقراطية والحريات” قامت أجهزتها الأمنية في القرن الماضي بمجازر لمعتنقي “الشيوعية” وحملات اعتقال عنيفة، وفرّ من فرّ منهم ورحّلت آخرين إلى خارج أراضيها.

ولا تزال فرنسا منارة التنوير الحضاري كما تُحِب أن تُرسم صورتها، تدعي حراسة علمانيتها بتشريعات مصيرة للجدل، بعضها يتحامل على حرية اعتقاد أبنائها المسلمين، وتجبرهم مؤسستها على احترام هذه التشريعات وإلا فالعقوبات مصيرهم، وهذا غيض من فيض لكل دولة ذات سيادة تصدر تشريعاتها وتحارب تشكيل جماعات سرية تخرج عنها.

السر وراء التبشير

إلى هذه المحطة، يتبادر السؤال عن سر هجر “أمريكي” بلاده الآمنة المطمئنة للعيش في بلد تعمه الفوضى وفق تحذيرات حكومته، والعمل على اختراق قانونها وقيم مجتمعه المحافظ بشدة، لتكوين جماعة سرية بهدف قلب كل هذا، وتغيير أحوال المجتمع الذي أيضا يعيش بطبيعة الحال فيه مسيحيون من جنسيات مختلفة دون مشكلات مع اعتقادهم الديني.

وبالتعمق في دعوة هذا الأمريكي فإننا نكتشف أن دعوته إنما هي لـ”التبشير الغربي” وهي تهدف لحصار الكنيسة الأرثوذكسية في مصر والتي تدين كنائس الشرق بالطاعة لها، وهذه الدعوات الغربية لجماعات أمريكية مثل “شهود يهوه والمورمون والسبتيون” تنامت بين أوساط المسيحيين الأرثوذكس، منذ عام 2020، وهي نفس الفترة التي انتعشت فيها دعوة الأمريكي المحتجز لدى الأمن الليبي.

وتنبهت الكنسية البابوية المصرية إلى هذه المخططات التبشيرية الغربية مبكرا، وعملت على صدها بعقد اجتماعات بين أبنائها لتثقيفهم وتوضيح خطورة أفكار هذه الجماعات السرية النامية على الدين المسيحي، وكشفت عن مصادر صنابير المال المفتوحة لإتمام أغراض هذه الجماعات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى