وزير خارجية إيطاليا: التدخلات الخارجية في ليبيا أدت لتدهور الأمن والاستقرار بها

أجرت صحيفة أفّينيري الإيطالية، مقابلة مع وزير خارجية إيطاليا، أنطونيو تاجاني، رصدتها وترجمتها «الساعة 24»، أكد خلالها أنه يجب أن لا تصبح إفريقيا أرضًا للغزو، وأن التدخلات الخارجية في ليبيا وغيرها من الدول أدت لتدهور الأمن والاستقرار بها.
وقال وزير الخارجية الإيطالي، إن “الصين أحد اللاعبين الاقتصاديين الرئيسيين وروسيا في الميدان بإستراتيجية سياسية عسكرية، ولا يمكننا قبول ترتيب الأمور هذا”.
وتابع “يجب ألا تصبح إفريقيا أرضًا للغزو، فمن غير المعقول اليوم تخيل سباق جديد لتلك القارة مثل سباق القرن التاسع عشر المشؤوم. ومع ذلك، في دول مثل السودان أو ليبيا أو جمهورية إفريقيا الوسطى، لاحظنا منذ فترة طويلة التأثيرات الخارجية المتزايدة التي أدت إلى تدهور ظروف الأمن والاستقرار في مناطق هشة بالفعل”.
وأكمل تاجاني؛ “لا يمكننا قبول ترتيب الأشياء هكذا. لا أعتقد أن الولايات المتحدة طرف فاعل مهدد بالانقراض بلا هوادة، لكن يجب علينا بالتأكيد أن نطلب من الاتحاد الأوروبي الانخراط بشكل أكبر في القارة، أيضًا لأنه من الجيد أن نتذكر أن الاتحاد لا يزال المانح الرئيسي في إفريقيا”.
وأشار الوزير، أنه “من المعروف أن الوجود المتزايد للصين، أضحى منذ بعض الوقت، أحد اللاعبين الاقتصاديين الرئيسيين في قارة أفريقيا”.
وأردف؛ “دخلت روسيا الميدان منذ فترة طويلة، وهي جهة فاعلة تلعب دورًا على أساس استراتيجية سياسية عسكرية. لا تتوافق مصالح الدولتين دائمًا، لكن من المؤكد أنهما غالبًا ما تعارضان المصالح الغربية”.
وعقب مضيفًا؛ “لقد رأينا في الأمم المتحدة عددًا كبيرًا من الدول الأفريقية التي اتخذت موقفًا محايدًا بالامتناع عن التصويت على قرارات تدين العدوان على أوكرانيا، أو في حالات قليلة ولكنها ملفتة للنظر، بالتصويت ضد هذه القرارات”.
وأوضح أن “إجراء حوار أكثر كثافة مع تلك البلدان أمر لا بد منه، لأسباب ليس أقلها أن مستقبلنا يعتمد عليه”. لافتًا إلى أن “خلق فرص للنمو المستدام في البلدان الأفريقية من خلال تشجيع الاستثمار وتقديم برامج تدريب ممتازة للشباب هو المفتاح ليس فقط لمساعدة هؤلاء السكان على إيجاد فرص إنمائية جديدة في أوطانهم، ولكن أيضًا لمكافحة الحلقة المفرغة التي تربط بين البطالة وتدفقات الهجرة غير الشرعية والتطرف العنيف والحروب والأزمات الإنسانية”.
وتابع أنطونيو تاجاني، أنه “ليس للنهج الإيطالي أجندات خفية”. مضيفًا أن “هدفنا هو إنشاء شراكات قوية وتطلعية، مع إدراك أن إفريقيا ستصبح في السنوات القادمة القارة الأكثر اكتظاظًا بالسكان وأصغرها شبابًا، وستكون بشكل متزايد في مركز ديناميكيات متعددة ومعقدة، مع تداعيات لا يمكن إنكارها أيضًا على إيطاليا وما حولها من دول أوروبا”.
وأكمل حديثه مبينًا أنه “مع خطة ماتي، التي سيتم إطلاقها في الخريف خلال القمة الإيطالية الأفريقية، تعتزم الحكومة الإيطالية إعادة إطلاق العلاقات مع الدول الأفريقية وإعطاء إيطاليا دورًا رائدًا في العلاقات بين إفريقيا وأوروبا، كجسر بين القارات”.
واستطرد موضحًا؛ “نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى رؤية استراتيجية لعلاقاتنا مع إفريقيا وإلهام وتحفيز العمل داخل الاتحاد الأوروبي”. وأضاف أن “أوروبا تستثمر في إفريقيا، حتى مع وجود أدوات مثل البوابة العالمية، لكنها تستطيع ويجب عليها أن تفعل المزيد. لم يعد بالإمكان تجاهل البعد الخارجي لظاهرة الهجرة. نحن بحاجة إلى وعي جديد قادر على الجمع بين مبادئ المسؤولية والتضامن”.
وطرحت الصحيفة الإيطالية على الوزير سؤالًا جاء فيه: “المصالح الوطنية، النفط والغاز في ليبيا والجزائر، النفط والغاز في موزمبيق، الكونغو للتوقف فقط عند مستوطنات شركة إيني. أو حل مشاكل الملاءة المالية (حيازة الأصول الزائدة عن المطلوبات؛ القدرة على سداد الديون) الأخرى المتعلقة بالشركات الإيطالية الكبيرة المشاركة في مشاريع البناء العملاقة، مثل سد النهضة في إثيوبيا. كيف تنوون الدفاع عن هذه الحقائق؟”.
أجاب أنطونيو تاجاني، قائلًا: “يحظى التميز الإيطالي بالتقدير والسعي إليه في العالم، حتى عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مشاريع معقدة بشكل خاص مثل سد النهضة في إثيوبيا، أو التعاون في مجال الطاقة، والتي تتطلع دائمًا إلى التحول البيئي، والتي تهدف إلى شراكة متكافئة و تبادل المنفعة مع شركائنا”.
وأردف أن “النظام الاقتصادي الإيطالي قوي، والتجارة الخارجية هي القوة الدافعة الحقيقية لدينا للنمو”. معقبًا أن “الحكومة الإيطالية تراهن كثيرًا على دبلوماسية النمو، وتدعم الشركات في صادراتها، وتدافع عن شعار «صنع في إيطاليا»”.
وتابع؛ “نحن نشجع مهمات النمو في جميع القارات واتخذنا تدابير مهمة لدعم شركاتنا. نحن مقتنعون بأن الشراكة الاقتصادية مع القارة الأفريقية يجب أن تستند ليس فقط إلى التبادل التجاري، ولكن أيضا إلى تشجيع الاستثمارات الإنتاجية وفرص ريادة الأعمال الجديدة”.
وقال الوزير الإيطالي؛ “من بين مختلف الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الإيطالية في أفريقيا، أود أن أذكر مبادرة “لوكا أتّانازيو” المستوحاة من المقترحات التشغيلية في ذلك الوقت التي اقترحها السفير لوكا أتّانازيو الراحل، سفير إيطاليا في جمهورية الكونغو الديمقراطية من عام 2017 حتى مقتله هناك عام 2021، والمخصصة لأسواق البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، والتي توفر أكبر فرص التنمية والاستثمار وحيث يكون الدعم المؤسسي الموجه بشكل خاص ومواكبة نسيجنا الريادي أمرًا ضروريًا”.
وردًا على سؤال أخر قال تاجاني، إنه “يقلقنا وجود شركات عسكرية خاصة في إفريقيا. بسبب الموجة الجهادية في منطقة الساحل، ولكن ليس ذلك فحسب، طلبت عدة دول أفريقية أو قبلت مساعدة الشركات العسكرية الأجنبية التي يمكن دفعها نقدًا أو في شكل امتيازات تعدين”.
وأوضح “إنهم مرتزقة يأتون لمساعدة الحكومات التي تواجه صعوبة في الحفاظ على أمن الدولة. هناك حاجة إلى تفكير دولي جاد لتطوير مدونات لقواعد السلوك تنظم ظاهرة الشركات العسكرية الخاصة”.
وتابع؛ “ولكن قبل كل شيء، هناك حاجة إلى إجراءات وقائية مستمرة. من ناحية أخرى، تُظهر لنا تجارب مثل تلك الخاصة بالبعثات المدنية والعسكرية التابعة للاتحاد الأوروبي لتقديم المساعدة إلى مختلف الدول الأفريقية كيف يمكن لأوروبا وكيف ينبغي أن تصبح نقطة مرجعية للشركاء الأفارقة الذين يواجهون صعوبات”.
وعقب موضحًا؛ “من ناحية أخرى، يجب علينا أخيرًا إطلاق حقبة جديدة من النمو الأفريقي، لمنع الدول الهشة ، التي تعاني بالفعل من أزمة، من الانهيار عندما تواجه تحديات مثل التهديد الجهادي”.
وقال أنطونيو تاجاني، في معرض رده على سؤال أخر إنه “لم يعد المفهوم القديم للتعاون الإنمائي كافياً. هناك حاجة إلى نهج جديد يهدف إلى بناء مشاريع مشتركة مع الحكومات والمجتمعات المحلية المستفيدة”.
وأشار إلى أنه “لا يكفي النمو الاقتصادي للحد من الفقر، بل يجب أن يكون شاملاً ويتضمن الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
وختم موضحًا أنه “على أساس هذه الأبعاد، يتم توضيح تدخل التعاون الإنمائي الإيطالي”. لافتًا إلى أن “سياسات التعاون الخاصة بنا لا تهدف فقط إلى تعزيز التنمية، ولكن أيضًا إلى السلام والاستقرار”.