رغم نفي سفارة واشنطن.. “أمنتوم” تنفذ خطة عسكرية أمريكية في ليبيا
سلّط المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاقتصادية الضوء على التحركات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا رغم النفي الرسمي من سفارتها لدى طرابلس.
وقال المركز في تقرير رصدته “الساعة 24”: “لا شك في أن ليبيا كانت ولا زالت محور اهتمام بعض الدول الغربية والإقليمية، لأهميتها الإستراتيجية وامتلاكها احتياطات ضخمة من النفط والغاز، إلا أن نشاط الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا بدأ يظهر بشكل أكبر في الآونة الأخيرة على المستويين السياسي والاقتصادي، وحتى على المستوى العسكري، في خطوات وصفها مراقبون بأنها جاءت للانخراط بشكل أكبر في ليبيا وبالتالي تعميق الأزمة التي تعيشها”.
ووفق المركز، تناولت تقارير تركية وفرنسية وإيطالية، منذ أيام، أنباء عن تدخل عسكري مباشر للولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا، ليؤكدها تقرير مفصل من موقع أفريكا إنتلجنس مبني على وقائع وإثباتات، تحدث فيه عن وصول عسكريين ومدربين تابعين لشركة “أمنتوم” العسكرية الأمريكية الخاصة إلى العاصمة طرابلس، بموجب اتفاق مع رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، لتوفير التدريب والدعم اللوجستي لعدة مجموعات مسلحة في الغرب الليبي.
وجاء في التقرير أن شركة “أمنتوم” ستتولى مهمة تدريب ثلاثة ألوية مسلحة بغرب ليبيا وهي اللواء 444 بقيادة محمود حمزة، واللواء 111 بقيادة عبدالسلام الزوبي، واللواء 166 بقيادة محمد الحصان، ووفق التقرير، يجري تنسيق جهود التدريب بين “أمنتوم” ووزارة الخارجية الأمريكية، بهدف توحيد هذه التشكيلات المسلحة الليبية المختلفة وتكليفها بتأمين الحدود وعمليات نزع السلاح.
وبعد أيام من انتشار هذه الأنباء، أصدرت السفارة الأمريكية توضيحًا بشأن ما وصفتها بـ”تقارير كاذبة” حول تدريب الشركة للجماعات المسلحة داخل ليبيا نيابة عن حكومة الولايات المتحدة، وقالت في منشور عبر صفحتها على فيسبوك، إن ما جاء في التقارير يمثل “ادعاءات غير صحيحة، ووصفاً خاطئاً للتدريب في قاعات الدراسة التي تديرها أمنتوم خارج ليبيا لموظفي إنفاذ القانون”، وأضافت بأن “أمنتوم” شريك تنفيذي في برنامج المساعدة الدولي لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، الذي يديره مكتب الأمن الدبلوماسي على مستوى العالم.
في حين أن أحد المسؤولين في القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” قد سبق وأن قام بالتعليق على وجود الشركة في ليبيا ونفى ارتباطها بالأفريكوم، وبأن نشاط “أمنتوم” حقيقي ويتم بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكية بشكل مباشر.
وعن الهدف من التحرك الأمريكي العسكري في ليبيا، يقول تقرير المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاقتصادية: سبق وأن أكد رئيس حكومة الوحدة المؤقتة في تصريح له على أنه يدعم بقاء المليشيات المسلحة لضمان الأمن والاستقرار في البلاد، ووفق المراقبين، فإن تقويتها وتدريبها من قبل الأمريكيين سيعزز قدراتها وفعاليتها على الأرض، مما جعل واشنطن تخطو هذه الخطوة نحو إرسال شركة “أمنتوم” الأمنية إلى البلاد، رغم النفي الأمريكي على لسان السفارة في طرابلس.
ووفق التقرير فإن إعلان واشنطن التدخل عسكرياً في ليبيا حتى لو كان عبر شركة أمنية خاصة لا يخدم السياسة المعلنة لوزارة خارجيتها، والتي تؤكد دوماً على أهمية الحل السلمي للصراع، وتحض على إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، ودعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، وهو ما يردده المبعوث الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، في كل لقاء ومناسبة.
ووضع السياسي محمد المزوغي، هذه التطورات في إطار “منظومة أمنية عالمية تهدف إلى إبعاد المليشيات عن مكان القرار السياسي قبل تنصيب حكومة وحدة وطنية جديدة”.
من جهتها، نقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية مخاوف الليبيين من النشاط العسكري الأمريكي في أن تتحول ليبيا إلى ساحة جديدة للصراع الروسي الأمريكي، حيث أشارت إلى زيارة وفد رسمي تابع لوزارة الدفاع الأمريكية لعدد من القواعد العسكرية في الغرب الليبي، بالتزامن مع استضافة خبراء “أمنتوم” في البلاد، وسط شائعات عن وصول شحنات سلاح أمريكي كبيرة إلى قاعدة الوطية جنوب العاصمة الليبية.
وأشار تقرير المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاقتصادية، نقلا عن مصادر ليبية من طرابلس، إلى أن مسؤولي شركة “أمنتوم” زاروا طرابلس مرتين في ديسمبر ويناير الماضيين، قبل إرسال الشركة عدداً من أفرادها مطلع فبراير إلى قاعدة معيتيقة التي اتخذوها قاعدة لهم بعد إخراج المجموعات المسلحة منها بقرار من الدبيبة، كما زاروا معسكر التكبالي في منطقة صلاح الدين بطرابلس، ومقر الأكاديمية البحرية في جنزور، الضاحية الغربية لطرابلس، ومعسكر الحرشة بمدينة الزاوية، غرب طرابلس، ومن المحتمل زيارة المزيد من المواقع العسكرية في مناطق شرق طرابلس.
ووفق التقرير، أكد مصدر، وهو ضابط في المنطقة العسكرية الغربية، أن الشركة تعمل في ليبيا لتنفيذ الخطة الأمريكية لدمج المجموعات المسلحة ضمن هياكل الأمن والجيش، وذكر الضابط نفسه أن المعلوم من تفاصيل الخطة الأمريكية هو التنسيق مع رئاسة أركان حكومة الدبيبة وقيادة الجيش الوطني الليبي، لاختيار مجموعات من جنوده لتدريبهم.
وبيّن تقرير المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاقتصادية أن “أمنتوم” هي شركة عسكرية أمنية أمريكية خاصة يديرها العسكري الأمريكي السابق جون هيلر، وهي تنشط في المجال الأمني وتتلقى مهامها من قبل وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، وتم التعاقد معها بتنسيق مع وزارة الدفاع الأمريكية عن طريق قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، والشركة بدأت فعليًا إجراءات عملها وأجرت امتحان القبول لبعض الضباط، واتخذت قاعدة معيتيقة مقراً لها.
وسبق أن قدمت الشركة مثل هذه الدورات لتنظيم قوات البيشمركة في العراق في إطار برنامج خاص من خلال التحالف الدولي، وتم إنشاؤها في عام 2020، وهي تخلف الشركة العسكرية “دين كورب” التي عملت أيضًا مع الوزارتين، والتي قدمت التدريب لقوات الأمن في أفغانستان والصومال وبنين وغيرها.