اخبار مميزةليبياملفات

الأموال المجمدة.. ورقة ضغط غربية تتعارض مع القانون الدولي ومبدأ السيادة الليبية

في سياق متجدد يعكس تعقيدات العلاقة بين الدول الغربية وليبيا ما بعد 2011، تعود إلى الواجهة قضية الأموال الليبية المجمدة في الخارج، والتي تقدّر بمليارات الدولارات المودعة في بنوك أوروبا وأمريكا الشمالية.

ووفقاً لتقرير نشره المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن استمرار تجميد هذه الأموال، ومحاولات بعض الدول التصرف بها بشكل أحادي، يهدد مبادئ القانون الدولي ويضع سيادة ليبيا واستقرارها المالي على المحك.

أداة ابتزاز

تعود جذور القضية إلى أعقاب الثورة الليبية في عام 2011، عندما قامت قوى دولية، وعلى رأسها بريطانيا، بتجميد أصول مالية ليبية ضخمة، كانت تعود في معظمها للمصرف الليبي الخارجي وهيئات استثمار سيادية. ورغم مرور أكثر من عقد على انتهاء حكم معمر القذافي، وتغير المعادلة السياسية في ليبيا، فإن هذه الأموال ما تزال مجمدة، في تجاهل واضح للتحولات الداخلية وحق الليبيين في التصرف في ثرواتهم الوطنية.

ويحذر المركز من أن هذه الأموال بدأت تُستغل من قبل بعض الدول الغربية كورقة ضغط سياسي، أو كوسيلة لتعويض ضحايا نزاعات لا علاقة لليبيا الجديدة بها، ما يثير علامات استفهام حول نوايا الجهات التي تحتفظ بها.

بريطانيا في الصدارة

يشير التقرير إلى تحركات بريطانية متكررة لمحاولة شرعنة استخدام الأموال الليبية المجمدة داخل المملكة المتحدة، تحت ذريعة تعويض ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA).

وتأتي هذه المحاولات استناداً إلى اتهامات قديمة موجهة للنظام الليبي السابق بدعم جماعات مسلحة في أيرلندا الشمالية، وهي اتهامات لا يمكن تحميل الدولة الليبية الحالية تبعاتها، لا سياسياً ولا قانونياً.

وقد برزت مؤخرًا مطالبة علنية من عضو مجلس اللوردات البريطاني، البارونة هوي، باستخدام هذه الأموال لتعويض الضحايا، على غرار ما فعلته الحكومة البريطانية مع الأموال الروسية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويرى المركز الأوروبي أن هذا الطرح يفتح سابقة خطيرة تخرق مبدأ الحصانة السيادية للأموال العامة للدول.

أبعاد قانونية مقلقة

ينبه المركز إلى أن التصرف في الأموال الليبية المجمدة دون موافقة السلطات الليبية يُعد انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما يُعد خروجاً على قواعد القانون الدولي التي تحمي ملكية الدول لأصولها المالية.

كما أن تسييس هذه القضية من شأنه أن يزعزع الثقة في النظام المالي العالمي، ويخلق سوابق تهدد أموال دول أخرى قد تجد نفسها مستقبلاً في وضع مشابه.

الأبعاد الليبية

يؤكد التقرير أن ليبيا تمر بمرحلة حساسة من إعادة البناء السياسي والاقتصادي، وأن هذه الأموال المجمدة تمثل ركيزة أساسية في أي خطة مستقبلية للتنمية.

ويضيف أن حرمان الشعب الليبي من هذه الأصول، أو التلاعب بها تحت ذرائع سياسية، يُعد حرماناً من حقوق أساسية، ويؤخر جهود الاستقرار الوطني.

ويشدّد الباحث الليبي حسون بركات، في تصريح للمركز، على أن هذه الأموال ليست مجرد أرصدة مصرفية، بل هي رصيد من الحقوق السيادية التي لا يجوز لأي جهة المساس بها.

وأضاف أن ليبيا، كدولة ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة، لها الحق في المطالبة باستعادة هذه الأموال دون قيد أو شرط، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم هذا المطلب العادل.

دعوة لتحرك دولي 

ختامًا، يدعو المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف موحد من هذه القضية، وممارسة ضغوط حقيقية على الدول الغربية المعنية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الأموال الليبية المجمدة.

كما يؤكد أن التراخي في معالجة هذه الأزمة قد يفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات التي تطال حقوق الشعوب في التصرف بثرواتها الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى