مركز دراسات أوروبي: إغلاق النفط سيتكرر في وجود حكومة ضعيفة وفاسدة بطرابلس

سلط المركز الأوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية الضوء على جدوى الاستثمار الإيطالي في نفط ليبيا بالنسبة للإيطاليين.
وقال المركز في تقرير رصدته “الساعة 24”: “لا يبدو أن الوضع في ليبيا اليوم مختلف كثيراً عن السابق، فالبلاد لا تزال منقسمة بشكل فعلي بينما تتهافت القوى الأجنبية على اقتسام كعكة النفوذ والطاقة الغنية بها، وهو ما جعل حالة عدم الاستقرار تتزايد بشكل ملحوظ منذ بداية العام الجاري إلى الآن”.
وأضاف: “في إطار محاولات إيطاليا التاريخية لكسب أكبر قطعة من الكعكة النفطية في ليبيا، وفي حين أن إيطاليا تتزود بـ40% من حاجتها إلى الغاز من إفريقيا، قامت رئيسة حكومتها جورجيا ميلوني، بالتأكيد على أهمية الشريك الليبي في تحقيق أحلام إيطاليا بضمان استمرارية تدفق النفط والغاز الطبيعي لها وزيادة الاستثمارات والصفقات”.
وتابع التقرير: “كلام ميلوني جاء بموازاة محاولات شركة النفط الإيطالية إيني تعزيز دورها في البلاد عبر توقيعها للعديد من الاتفاقيات طويلة الأجل مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في العاصمة طرابلس، في إطار برنامج تعاون حكومي يركز على الطاقة سُمي بـ(خطة ماتي) لأفريقيا، على اسم مؤسس (إيني) إنريكو ماتي، والذي يتضمن برنامجا واسعا من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة”.
وأشار التقرير إلى أن البرنامج بحسب ما قالته رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، هو خطة استثمارية تعتزم إيطاليا إطلاقها في إفريقيا، تبلغ قيمتها الأولية أكثر من 5.5 مليار يورو (نحو 6 مليارات دولار)، بما في ذلك الضمانات العامة لمشروعات الاستثمار
إلا أن الموقع الإلكتروني الإيطالي “focus mediterraneo” استبعد في مقال تحليلي له فوائد هذه الاستثمارات في ليبيا على الدولة الإيطالية، واستعرض أسباباً موضوعية عدة تجعل شراكتها مع ليبيا فاشلة.
كما تساءل عن كيفية تخطيط حكومة ميلوني لزيادة التعاون مع دولة يتم فيها تخريب مرافق النفط بشكل منهجي، إضافة إلى سرقة النفط وتهريبه بطرق غير شرعية، ناهيك عن عدم وجود استقرار في البلاد وحكومة موحدة، مهاجماً الحكومة الإيطالية بأنها تستغل أموال دافعي الضرائب الإيطاليين مجدداً في مشروع فاشل بشكل بديهي.
واستهل المقال بدايته بالوضع غير المستقر في ليبيا والذي تجلى في تعرض ممتلكات لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس، لقصف بالقذائف مطلع الشهر الجاري، مع تكرر الاشتباكات بين المليشيات المسلحة في المناطق المأهولة، والتي كان آخرها في 17 فبراير الماضي، بين مليشيات تابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة وكتيبة فرسان الجنزور في ثلاث مناطق غرب طرابلس في وقت واحد.
وركّز المقال على أن الوضع في قطاع النفط الليبي غير مستقر نهائياً، فمنذ بداية العام الجاري وحده، توقف إنتاج النفط في ليبيا عدة مرات بسبب انعدام الأمن والإضرابات المستمرة من قبل الليبيين في حقول النفط ومرافقه، حيث تميزت بداية العام باستمرار أسباب “القوة القاهرة”، أي استحالة إيصال كميات من النفط الخام إلى العملاء، في العديد من حقول النفط الليبية، فقد أغلق المتظاهرون في منطقة فزان، جنوب غربي ليبيا، مطلع يناير الماضي، حقل “الشرارة” قرب مدينة أوباري، احتجاجاً على انقطاع الوقود والغاز وضعف الخدمات العامة، حيث كان سقف الإنتاج اليومي للحقل قبل الإغلاق حوالي 300 ألف برميل.
كما استند المقال أيضاً على إفادة وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا”، باندلاع احتجاجات في 8 يناير الماضي، بالقرب من مجمع مليتة النفطي (مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة إيني الإيطالية)، حيث هدد المتظاهرون بقطع إمدادات الغاز عن إيطاليا، وكان من بين مطالبهم، استقالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الليبية فرحات بن قدارة، في حين أن محركي المظاهرة سبق وأن نظموا مظاهرات مماثلة في مدن أخرى بغرب ليبيا، كالزاوية، وصرمان، والعجيلات.
وأضاف بحسب ما أوردته “العربية” في أحد تقاريرها، بأنه في 12 فبراير الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة الزاوية على الساحل الغربي لليبيا بالقرب من مصفاة النفط، بين الكتيبة “103” المعروفة بـ”كتيبة السلعة” بقيادة عثمان اللهب، وعناصر مسلحة تابعة للمهرب محمد كشلاف الملقب بـ”القصاب” الذي يخضع لعقوبات مجلس الأمن الدولي، تلاها في 20 من الشهر نفسه، إغلاق كل من مصفاة الزاوية ومجمعي مليتة ومصراتة النفطيين، بعد احتجاجات المواطنين المطالبة بتسوية أوضاعهم الوظيفية وزيادة رواتبهم.
وبالتالي فإن الاستثمار الغربي في نفط ليبيا، وخصوصاً الإيطالي، سيبقى عرضة لخطر الفشل بحسب الموقع الإيطالي، طالما أن البلاد غارقة في حالة عدم الاستقرار السياسي وسوء الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، وأن إغلاق المرافق النفطية أمر سيتكرر دوماً، لا سيما في ظل حكومة ضعيفة فاسدة في طرابلس مدعومة غربياً، ومخترقة محلياً من قبل مليشيات مسلحة تطلق الرصاص على بعضها في كل مناسبة.