بالمستندات.. «دراسة» تكشف ألاعيب تركيا لانتهاك حظر الأسلحة على ليبيا.. سفينة «أمازون» نموذجًا
قبل عام وثلاثة أشهر تقريبًا وبالتحديد في 18 مايو 2019، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا ومقاطع فيديو، تظهر سفينة ترفع علم دولة “مولدوفا”، وهي تنقل عربات مدرعة في ميناء طرابلس، وكانت تلك نقطة البداية لإظهار حقيقة الغزو التركي، وذلك حسبما ورد في دراسة صادرة عن مركز بحثي غير ربحي مستقل، ترجمته ورصدته «الساعة24».اعتمدت الدراسة على رصد 4 عناصر، أولهم أن ما قامت به السفينة يعد؛ “انتهاكًا واضحً لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا من قبل تركيا، من خلال شحن عدد كبير من المركبات العسكرية المدرعة، المصنعة من قبل شركة “بي إم سي أوتوموتتيف ساناي” التركية، وأسلحة عسكرية فتاكة أخرى”.وثانيًا؛ ” يساعد بحث على الشبكات الاجتماعية في تحديد بعض الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني وهي تستقبل الشحنة”، في النقطة الثالثة أشارت الدراسة إلى أن “عملية لوجستية وظفت لشحن هذه المركبات بحراً، باستخدام شركة شحن متخصصة في نقل الفاكهة والخضروات”.في النقطة الرابعة، كشفت الدراسة “عن شركة الشحن أن الأسطول متورط في تهريب أسلحة لمجموعات مسلحة أخرى”، وتستند هذه الدراسة إلى الأدلة الدامغة التي تم تقديمها بالفعل في لجنة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو التقرير السنوي للخبراء 2019: تقرير خبراء الأمم المتحدة في 2019 في «الفقرة 67» من التقرير جاء أنه في 18 مايو 2019، تم تفريغ شحنة كبيرة من عربات كيربي 4×4 مضادة لكمائن الألغام، والمصنعة من قبل شركة “بي إم سي أوتوموتتيف ساناي” التركية، في ميناء طرابلس من قبل السفينة التجارية “أمازون”، والتي تحمل علم دولة مولدوفا، ورقم تسجيلها في المنظمة البحرية الدولية (IMO 7702657). وغطت وسائل الإعلام هذا الحدث على نطاق واسع، ولم يبذل أي جهد في إخفاء عملية التسليم. تم جمع العربات من قبل أشرف مامي، نيابة عن الفرد المحدد بعقوبات مجلس الأمن، صلاح بادي، من لواء الصمود ومحمد بن غازي من لواء المرسى، كما تم توفير 60 عربة لفوج المشاة 33 بقيادة بشير خلف الله. وفي «الفقرة 68» أوضح التقرير أن “فريق الأمم المتحدة لاحظ أن السفينة “أمازون” غادرت ميناء سامسون، بتركيا، في 9 مايو 2019، وعبرت مضيق البوسفور في 11 مايو 2019، ثم أخفت إشارتها في ليل 14/15 مايو 2019 أثناء تواجدها بالقرب من ميناء إزمير -إزمير، هي من قبيل الصدفة، موقع مصنع إنتاج عربات كيربي 4×4من قبل شركة “بي إم سي أوتوموتتيف ساناي”- ويرى فريق خبراء الأمم المتحدة أن مشغل السفينة، “أكدنيز رورو دنيز تاسيماسيليجي توريزم”، لم يمتثل لـ«الفقرة 9» من القرار 1970 لسنة (2011) بنقل هذه المعدات العسكرية إلى ليبيا. وتابعت الدراسة، أنه تم «تسليم كمية كبيرة من المعدات العسكرية التكتيكية التركية في ليبيا إلى الكتائب التابعة لحكومة الوفاق الوطني»، حيث تم تداول العديد من مقاطع الفيديو والصور بسرعة على الشبكات الاجتماعية وحسابات تيليغرام المؤيدة لحكومة الوفاق الوطني في 18 مايو. ساعدنا ذلك في تحديد الموقع الجغرافي للحدث في ميناء طرابلس، وتحديد المعدات، وتقدير الكميات، وتحديد السفينة التي نقلتها. وأردفت الدراسة أنه تم «تحديد الباخرة بشكل مستقل وبترتيب زمني في ليبيا وهي تنقل معدات ثقيلة»، وذلك باستخدام صور الأقمار الصناعية من محرك معالجة بيانات الأقمار الصناعية ” سنتينل هب إكسبلورو”، في 2018/05/18، يمكننا رؤية سفينة كبيرة راسية في ميناء طرابلس، في حين أن هذه الصورة ليست عالية الدقة، نشر صحفي التحقيقات في ال “بي بي سي” بنجامين ستريك، منذ ذلك الحين صورة ذات جودة أفضل، يمكننا أن نرى عددًا كبيرًا من العربات على سطح السفينة أمازون، بما لا يقل عن ستة صفوف من ست مركبات تكتيكية – وتصل في المجموع إلى 36 – بينما تشير التقارير على الشبكات الاجتماعية إلى تسليم 80 عربة كيربي.واستطردت الدراسة، أنه «بفضل صور الأقمار الصناعية التي غردها بها الصحفي بنجامين ستريك على موقع توتير، يمكننا حتى البدء في عد المركبات المدرعة»، لافتة إلى أنه بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية، يمكن العثور على صور السفينة المحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، في مختلف مراحل رحلتها قبل وصولها إلى ليبيا، حيث شوهدت السفينة المشبوهة يوم 15 مايو متجهة جنوب مضيق خيوس، في شرق بحر إيجه، في طريقها إلى طرابلس، وعلى سطحها العلوي حمولة مغطاة.ولفتت الدراسة إلى أنه «عندما رست السفينة في ليبيا وقبل تفريغها، تظهر المركبات على السطح العلوي، مكشوفة ومرئية في عدة صور، تم التقاطها في 18 مايو 2019، والتي يمكن تحديد موقعها الجغرافي في ميناء طرابلس».«مركبات “بي إم سي أوتوموتتيف” التركية»تواصل الدراسة الصادرة عن مركز بحثي غير ربحي مستقل، التأكيد على أن «الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر أثناء التسليم تعطي نظرة ثاقبة على الشحنة، التي سلمت في ميناء طرابلس. هناك نوعان من المركبات المدرعة ظاهرة في الصور المتداولة».وأكملت الدراسة أنه «يمكن بسهولة جمع المعلومات عن نوع المركبات المدرعة، بفضل الكتالوج الذي تم تحميله عبر الإنترنت من قبل الحكومة التركية، للترويج للصناعات الدفاعية، فبالنسبة للنوع الأول من المركبات يمكننا مقارنة النماذج المختلفة، من خلال النظر إلى عدد المصابيح الموجودة في المقدمة، وكيفية ترتيبها. يقودنا ذلك إلى تحديد النموذج الأول كنموذج “كيربي 2” الذي تصنعه شركة شركة “بي إم سي أوتوموتتيف ساناي” التركية».وأكدت الدراسة المترجمة، أن «الشركة التركية تروج على موقعها على الإنترنت لنموذج كيربي 2 باعتبارها مركبة مضادة لكمائن الألغام»، مستطردة أن «العربة الأخرى هي نوع آخر من المركبات المدرعة التي تشبه طراز “فوران” الذي تم إصداره في 2016 مع أضواء محددة مرة أخرى على مقدمتها».وفقًا لموقعها على الإنترنت، تعد الشركة واحدة من أكبر الشركات المصنعة للمركبات التكتيكية المدرعة في صناعة الدفاع التركية. وتأسست الشركة في عام 1964، وتملك تركيا حصة الأغلبية (51٪) مع استثمار من اللجنة الصناعية للقوات المسلحة القطرية منذ عام 2014. وواصلت الدراسة سرد مزيدًا من التفاصيل، حيث أوضحت أنه «بالإضافة إلى ذلك، تم نشر صور الذخائر وبنادق القنص، والبنادق الرشاشة والصواريخ، على الإنترنت من قبل بعض المليشيات، التي استلمت المعدات، ووسائل الإعلام المتعاطفة معها. ليس من الممكن تحديد موقع الصور في الميناء أو في السفينة»، مردفًا أنه «في حين أن الصور تبدو أصلية، فإن أول صورة لبنادق رشاشة من طراز PKM موجودة بالفعل على موقع اير سوفت».وقالت الدراسة، أنه «يبدو أن البندقية الرشاشة الثانية هب بندقية رشاشة بلغارية كم طراز MG-M1 7.62 x54R ملم»، لافتة إلى أن «الصواريخ فهي من طراز AT-3 sagger 9k11 malyutka، وهي أنظمة صاروخية موجهة ومضادة للدبابات، تم تطويره في أوائل الستينيات من قبل الاتحاد السوفيتي. كما تم تصميمها لتكون سلاحًا موجهًا محمولًا على الكتف، ولا يزال نظام الأسلحة هذا قيد الاستخدام على نطاق واسع اليوم، لأنه فعال من حيث التكلفة، وبسيط لاستخدام سلاح حديث موجه ومضاد للدبابات. ستكون هذه الصواريخ موجودة بشكل كبير في ليبيا».ميليشيا موالية للوفاق تواصل الدراسة كشف مزيدًا من التفاصيل، موضحة أنه «يظهر أحد أفراد ميليشيا موالية لحكومة الوفاق الوطني، بقيادة فرد خاضع لعقوبات الأمم المتحدة، على الشبكات الاجتماعية، لاستقبال واستلام الشحنة في الميناء، وقامت الحسابات المؤيدة لحكومة الوفاق الوطني، بنشر صوراً للمركبات التي تم تسليمها. تسمح الصورة تحديدًا، بالتعرف على الأفراد المرتبطين بميليشيا الصمود».«في هذه الصور يظهر ثلاثة أفراد في ميناء طرابلس، وهم يستلمون الشحنة. يظهر في الصورة أشرف مامي في المقدمة ومحمد بن غازي في المنتصف. أشرف مامي مسؤول بوزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، لكنه أيضًا مقاتل نشط في ميليشيا تابعة لحكومة الوفاق الوطني».وأردفت الدراسة أنه «في صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، يمكننا رؤية مامي وهو يقاتل ويرافق الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني»، كما يظهر «مع صلاح بادي، قائد لواء الصمود، وهي ميليشيا تابعة لحكومة الوفاق الوطني. ويعتقد أنه مساعد مقرب لصلاح بادي». يذكر أنه تم «فرض عقوبات على صلاح بادي، من قبل الأمم المتحدة، و مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الخزانة الأمريكية، لمحاولته تقويض القرار السياسي في ليبيا منذ عام 2018»، وكان لواء الصمود قد أعلن عن وصول الشحنة عبر صفحته على فيسبوك، لإبلاغ مناصريه.وبينت الدراسة أن «محمد بن غازي المنتمي للواء المرسى كان قد أعلن أيضاً عن استلام الشحنة. وهو ما قد يشير إلى تقسيم هذه الشحنة بين مختلف الميليشيات».وأوضحت الدراسة، أن « تحديد مستلمي الشحنة، يتيح تأكيد الانتهاك من البداية إلى النهاية من قبل تركيا لحظر الأسلحة. من خلال دعم وتزويد جانب في الصراع الليبي، يمكن لتقنيات التحقيق هذا أن توضح كيف تساهم تركيا في تفاقم الصراع، وتقويض جهود الاستقرار السياسي.».«سفينة تجارية ترفع علم دولة مولدوفا» واصلت الدراسة تحليل مزيد من التفاصيل، حيث ذكرت أن « مقاطع الفيديو والصور تظهر اسم السفينة التجارية “أمازون”، ورقم تسجيلها في المنظمة البحرية الدولية 770265717. يمكن للسفينة حمل ما يعادل 450 سيارة بحمولة صافية 450 طن. كما يمكنها شحن كميات كبيرة».وتابعت؛ «مع وجود العلم المولدوفي على السفينة “أمازون”، وقت تسليم الشحنة في ليبيا، ألغت مولدوفا منذ ذلك الحين رفعها علم مولدوفا. تغيرت السفينة إلى علم توغو، ثم إلى علم منغوليا بالاسم الجديد “ناديجدا”».وبينت الدراسة أن «البحث في موقع “إكواسيس”، الذي يهدف إلى تعزيز السلامة والجودة البحرية، يتيح لنا تتبع ملكية ناديجدا. قبل عام 2019 وتغيير الأسماء، كانت السفينة التجارية “أمازون”، تنتمي إلى شركة مايا رورو إس أي التركية، وتم إدراج “أكدنيز رورو دنيز تاسيما” كمدير تجاري».رحلة تشمل جمع المركبات التركية في موقع التصنيعقالت الدراسة، إنه «باستخدام بيانات موقع “مارين ترافيك”، يمكن تتبع رحلة السفينة “أمازون”، من ميناء سامسون التركي إلى ميناء طرابلس».مضيفة أنه «من المثير للاهتمام ملاحظة أن السفينة بدأت رحلتها في 9 مايو 2019. ونلاحظ توقفًا لمدة 13 ساعة للسفينة وهي فارغة في ميناء إزمير، على الأرجح لتحميل المركبات، حيث تم إنشاء مصنع “بي إم سي أوتوموتتيف ساناي” التركي هناك».على موقع فيسبوك، تمكنا أيضًا من العثور على بعض أفراد طاقم السفينة “أمازون” من خلال البحث عن صور السفينة. ومن خلال النقر على ملف تعريف الشخص الذي نشر هذه الصورة، نفهم أنه بحار، وأنه يبحر على متن هذه السفينة منذ عام 2018. وبالنظر إلى بعض صور السفن، يمكننا تحديد أعضاء آخرين من الطاقم البحري.وأكدت الدراسة أنه «من خلال استكشاف بعض ملفات تعريف طاقم السفينة، من الممكن تحديد أحد أفراد الطاقم الذي يبدو أنه سافر إلى ليبيا، ونشر صورة في 18 مايو 2019 مع التعليق “ليبيا إلى الأبد”».شركة شحن فواكه وخضروات متورطة «استنادًا إلى قاعدة بيانات موقع “إكواسيس”، تنتمي السفينة “أمازون”، إلى شركة شركة “مايا رورو إس أي” التركية، في وقت تسليم الشحنة في ليبيا. يقع عنوان الشركة التركية في كات 4، أتاتورك بولفاري 140، كالي ماه، إيلكاديم، 55030 سامسون، تركيا، وهو في الواقع نفس عنوان شركة “أكدنيز رورو دنيز تاسيما”».تواصل الدراسة التوضحي؛ أنه «بعد إجراء بحث إضافي عبر الإنترنت حول الشركة، يبدو أن الأمر كذلك مرتبطة كشركة تابعة لمجموعة “كاليونجو”. فيديو منشور على قناة شركة”كاليونجو”، على اليوتيوب في عام 2015 يعرض أنشطة الشحن الخاصة بها، ويعرض صور “أكدنيز رورو” والسفينة “أمازون”». وتواصل؛ أنه «على صفحتها على موقع لينكيد إن، وموقعها الإلكتروني، تقدم مجموعة “كاليونجو”، نفسها كشركة تم إنشاؤها في 1993، من قبل عائلة كاليونجو، ومتخصصة في تصدير الفواكه والخضروات. في وقت لاحق، طورت الشركة سعة شحن المنتجات الطازجة، وتقدم هذه الخدمة لجميع أنحاء العالم».وتبين أنه «حتى عام 2019، امتلكت شركتها الفرعية، “أكدنيز رورو”، أسطولًا من السفن الأخرى، بما في ذلك السفينة “أورال”، ورقم تسجيلها IMO 7725386، والتي تم نقلها جميعًا منذ ذلك الحين إلى كيان جديد يسمى “أليستا رور جيمي أجنتيليغي”. منذ عام 2019، تم نقل جميع السفن إلى كيانات مؤسسية جديدة، مما يجعل من الصعب ربطها بالمستفيد النهائي “كاليونجو”».ولفتت الدراسة إلى أنه «يمكننا ربط الكيان الجديد “أليستا رور” بمجموعة “كاليونجو”، بفضل مديرها أحمد يلماز، الذي يعمل أيضًا في مجموعة “كاليونجو”، وفقًا لحسابه على موقع توتير». بالإضافة إلى «تسليم الفواكه والخضروات وشحن الأسلحة التركية إلى ليبيا، يبدو أن مجموعة “كاليونجو”، لديها خبرة في نقل المعدات العسكرية. ففي عام 2018، تم إيقاف السفينة “أورال”، في ميناء صفاقس في تونس من قبل الجمارك المحلية للتفتيش».