مقالات

الأزمة الليبية في ظل بعثة منزوعة الأنياب !

بقلم  فوزي عمار تصل الأزمة الليبية للسنة العاشرة بعد ان بدأت في اجتماع الدول الكبري في عام 2011 على إسقاط النظام السابق في ظل أحداث عرفت بالربيع العربي لتترك الليبين في العراء و لم تؤسس لمرحلة بعد سقوط النظام، و التي أدت لسقوط الدولة نفسها بسبب هشاشة الدولة التي اهتم فيها النظام بقوة السلطة و لم يهتم بقوة الدولة و الفرق كبير بينهما.و رغم اعتراف الرئيس الأمريكي بالخطأ إلا أنه لم يظهر حتي الآن اي مبادرة جدية لحل الأزمة الليبية التي شاركوا في صنعها في فبراير 2011، فالتدخل الدولي لإسقاط النظام كان بناء علي حسابات الدول الكبري فالدول ليست جمعيات خيرية فالدول تحركها مصالح و أطماع .لا انطلق هنا من نظرية المؤامرة رغم اأني اعتقد أن أكبر مؤامرة هي ترك الشعوب العربية لوحدها فهي لا تعرف مصلحة نفسها و تحركها روح الغضب و الانفعال بدلا من المصلحة المشتركة و العيش المشترك، فلا مؤامرة بمعني كراهية دول لشعوب بل الدول الكبري ترسم مستقبلها و تخطط له و لا تتركه للصدفه و لديها سيناريوهات للمستقبل في كل المجالات و أهمها في مجال الطاقة و الكهرباء و الماء و الموارد .و هي أشبه لحد ما بالحكومة مع شعبها ( مع الفارق ) فعندما تخطط الدولة لمشروع طريق سريع عام و يوجد بالمخطط بيت صغير لفقير يجب ازالته حتي يتم مشروع الطريق فذلك لا يعني أن الدولة تعمل ضد هذا الفقير و لكن وجود بيته في مخطط الطريق يعيق تتفيذ المشروع الكبير ، هكذا الدول الكبري مع الأنظمة و الدول التي تقف عقبة في تنفيذ مخططاتها و استراتيجياتها و مصالحها الكبري، خاصة مع من لا يحسب حساب موازين القوى و يدخل في عداء غير متكافيء الأطراف.رغم أن المؤامرة واضحة في توطين جماعة الإخوان المسلمين الضالة و الإسلام السياسي في بلدانهم و القصة  أصبحت معروفة بعد نشر ترامب لايملات هيلاري كلينتون، أن ما تعلنه الحكومات الغربية هو ما تريد أن تظهر به و ليس بالظرورة كل الحقيقة، فأمريكا مثلا لا تقول أنا دولة مفلسة و لديها ترليونات من الديون الداخلية و الخارجية بل تظهر في مظهر المتزن القادر علي امتصاص الصدمة مهما كبرت .. و لا يهمها غير مصالحها مهما ادعوا عكس ذلك .. لقد كان تصريح المبعوث الأسبق لليبيا طارق متري شديد الوضوح حين قال : ” انهم قالوا لي أننا نريد أن نظهر بمظهر أننا تفعل شيئا “، فدائما ما تكون الحقيقة غير الواقع في السياسة .. إسرائيل مثلا واقعا و ليست حقيقة لأن الحقيقة هي فلسطين .. فالدولة الإسرائيلية لا شرعية لها سوي أن الدول الكبري نصبتها في أكبر عملية استلاب و نصب في التاريخ ( وعد بلفور ) و برعاية الأمم المتحدة التي نعتقد اليوم أنها من سوف تحل مشكلة ليبيا .الواقع و الحقيقة معا يقول إن لا شيء اسمه الأمم المتحدة بل هو رغبة الدول الكبار هي من تشكل سياسات و مشروعات الأمم المتحدة القابلة للتطبيق و غير التطبيق ، غير ذلك يصبح سراب تجري وراءه الشعوب المغلوبة مثل الفلسطنية و العراقيين و الصوماليين و الليبية …و ما يجعلنا نشك في نوايا الدول الكبري هو إطالة أمد الأزمة و محاولة إدارتها بدلا من محاولة حلها . و الاستفادة من الأموال الليبية المجمدة لديها لأطول فترة ممكنة، لقد شاهدنا كيف أطال المجتمع الدولي المفاوضات التي لم تؤسس بشكل جيد بل كانت شكلية و هزلية و كان معظم، من ثم اختيارهم لا ثقل لهم علي الأرض ، كما أنها مارست قاعدة مهمة في التفاوض السياسي و حتي التجاري و هي إرهاق الخصم حتي يرضخ للمطلوب بسهولة و يسر و هذا ما تفعله بالضبط مجموعة الدول الكبار مع ملف الأزمة الليبية و هي أيضا قريبة من نظرية الغموض البناء التي تدخل عامل الزمن في المعادلة و اشتهر بها وزير الخارجية الأمريكية الأشهر كيسينجر .اليوم ما تقوم به جماعات لها علاقة قوية بدول كبري من مشاكل السيولة و الكهرباء و الغاز هو نفسه  يقع في إطار إرهاق الخصم ليرضخ لأي شروط، خاصة عملية بيع القطاع العام للخواص التي تطبخ الأن في صورة من صور احياء طبقة اليجاريكية جشعة لتقود البلد إلى الاستدانة من البنك الدولي و صندوق النقد الدولي ، أما الشروط التي يعمل عليها هؤلاء فمنها المعلن و الغير معلن كأي سياسة في العالم ، و لعل أخطرها تنصيب بيادق على رأس الدولة ستعترف بإسرائيل ليتم تصفية القضية الفلسطينية كما هو جاري في عدة دول عربية اليوملقد بدأ مارثون إدارة الأزمة من زمن طويل من غدامس الي الصخيرات الي الجزائر و برلين و جنيف و القاهرة و فينيا و باريس و بوزنيقة بالمغرب و منترو في سويسرا ليصل الي اخر محطة و ليست الأخيرة و هي تونس الشهر المقبل، و مازالت ازمة اللاتوافق و لا نري ضوءا في نهاية النفق و رغم سماعنا للجعجة فإننا لم نرى طحين .كل ذلك بسبب عدم توافق الليبين أولًا و بسبب هيكلة البعثة الدولية التي هي بعثة دعم و ليس تحقيق الاستقرار اي انها بعثة منزوعة الأنياب لا تملك آلية تنفيذ مخرجات الاتفاقات في ظل سلاح منفلت خارج إطار الدولة، و هذا المتوقع ايضا لمؤتمر تونس الأيام القادمة حيث ستغادر بعده المبعوث المكلف ستيفاني ليبقي الفاشل السراج إلى حين و تبقي معه معاناة الشعب الليبي و لتستمر دحرجة الأزمة و إدارتها بدلا من حلها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى