محمد السنوسي: 40% من الليبيين يؤيدون عودة الملكية

قال ولي العهد الملكي محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي مع صحفية إيلاف السعودية، إن الملكية الدستورية تحل مشكلات ليبيا، وأن استطلاع أجراه معهد كامبردج للبحوث، يبين أن نحو 40 في المئة من الليبيين يؤيدون فكرة العودة إلى دستور 1951 أي عودة الملكية بقيادة السنوسي، وتقوم جهات دولية في الفترة الاخيرة بإجراء بحوث واستطلاعات للوقوف عن كثب على امكانية نجاح الملكية في ليبيا، خصوصًا أن الانظمة الملكية والملكية الدستورية خرجت من الربيع العربي سالمةً، من دون أن تقوم مكانها ما سمي بالجمهوريات الدمقراطية.
أضاف أن العائلة السنوسية تنحدر من سلالة النبي محمد بحسب المراجع، ويعتبر أفرادها من الاشراف، لهم مكانة خاصة في نفوس القبائل والشعوب في شمال أفريقيا والجزيرة العربية، وتحظى العائلة السنوسية بقبول واحترام بين أطياف المجتمع الليبي، وأنا مواطن لیبي، ولدت في طرابلس في بدایة ستینیات القرن العشرین، ووالدي ھو ولي العهد اللیبي من عام 1956 وحتى عام 1969.
وأشار إلى أنه لا یوجد أي لیبي الیوم إلا ویشعر بالأسى لما وصلت الیه حال البلاد في ظل صراعات طاحنة بین أطراف وفصائل وجماعات تختلف أسماؤھا وصفاتھا ومبرراتها، ونبھنا منذ سنوات إلى أن أي عملیة سیاسیة تطمح إلى إقامة حكم عادل ورشید في لیبیا لا یمكنھا إلا أن ترتكز على أسس قانونیة ودستوریة سلیمة. أدى غیاب المؤسسات الراسخة والثابتة التي تستمد شرعیتھا من القانون والدستور إلى تسابق محموم من أجل الاستیلاء على السلطة والمال، ونرى منذ سنوات الجھود التي تبذلھا مختلف الأطراف الدولیة من أجل الوصول إلى تسویة بین ھؤلاء المتصارعین، وعلى الرغم من مرور سنوات عدة، وبعد عدد من الاتفاقات واللقاءات والحكومات، ما زالت لیبیا تعاني، وقد ینظر البعض إلى أن من الأفضل التعاطي مع من یملك القوة على الأرض والتعامل بشكل “عملي” مع ھذه الأطراف للوصول إلى حلول دائمة، لكن ربما يغفلون أن للكلمة وقعًا أشد من صلیل السیوف، ولن یكون ھناك كلمة سواء قبل الاتفاق على الاحتكام إلى قوة الدستور والقانون.
وعما إذا كانت لیبیا جاھزة للعودة إلى ما قبل القذافي، قال إن لیبیا كما حال الأمم لن تعود إلى الوراء، بل ستمضي بأمل وثقة نحو المستقبل متسلحة بقوة الحق الذي یضمنه الدستور والقانون. الدستور اللیبي لیس ماضیًا مُسح بانقلاب، بل ھو وثیقة قانونیة حافظت على الشكل الشرعي للدولة في لیبیا، وھذه الوثیقة لم تسقط بتقادم الزمن، بل ظلت محافظة على قوتھا، من الناحیة القانونیة أو التاریخیة، لكننا لا نسعى هنا إلى إعادة دولة الماضي بل نسعى إلى ملكیة دستوریة دیمقراطیة تواكب التطور وتمنح المظلة المناسبة لأبنائھا جمیعًا من دون استثناء، لتحقق آمالھم وتطلعاتھم، ونطمح لاستكمال ما بدأه اللیبیون عندما ناضلوا من أجل استقلالھم الذي تحقق في ذلك الزمان، ونحن على ثقة بأننا نستطیع سویًا الوصول إلى ھذا المبتغى.
وتابع قائلًا: “يجب أن تصل الأطراف المتصارعة في لیبیا الیوم إلى قناعة حقیقیة مفادها ألا طائل وراء الاستمرار في ھذا المسار العبثي الذي لن یزید البلاد إلا فرقةً ومقدراتھا إلا تبدیدًا. أشرنا في عدة مناسبات برسائل موجھة مباشرة إلى المواطنین اللیبیین بكل اتجاھاتھم إلى أن الشرعیة الدستوریة المتمثلة في المملكة اللیبیة ھي نقطة البدایة التي یجب أن یتفق علیھا الجمیع، حتى تستطیع البلاد أن تخطو نحو طریق یستعید من خلاله المواطنون الأمن والسلام. لیس ھناك خیارات أو حلول سھلة أو بسیطة للأزمة في بلادي. بالتأكید، المعالجات التي تمت تجربتھا من قبل لن تؤدي إلى نتیجة مختلفة لأنھا لم تضع نصب عینيھا الحاجة إلى حل ینسجم مع واقع لیبیا وتركیبتھا وتاریخھا وھویتھا الوطنیة، إنما حاولت تطبیق قوالب جاھزة، بینما نملك في لیبیا تجربة تاریخیة غنیة تتمثل في إنشاء الدولة والمملكة على أساس قانوني وشرعي سلیمين، وھذا ساھم في نجاحھا. مع اختلاف الظروف والواقع الذي نعیشه الیوم، نستطیع أن نستلھم تجارب الآباء والأجداد، وأن نرسم طریقًا للمستقبل”.
وأردف قائلًا: “لنا علاقات واتصالات طیبة بمختلف الدول والمنظمات والقوى الدولیة ونؤكد في نقاشاتنا مع الجمیع أنه لا بد من أن یساھم المجتمع الدولي في دعم الشعب اللیبي لیستطیع تحقیق التوافق والاستقرار اللازمین لبناء الدولة. وأكدت في رسالة مباشرة نشرت في صحیفة “وول ستریت جورنال” مؤخرًا ھذه المسألة الحیویة. لكنني أعتقد أن الدعم الحقیقي الذي ننشده ھو دعم الشعب اللیبي نفسه لمطلب إنھاء الاقتتال والصراع، ومكونات الأمة اللیبیة قادرة على أن تفرض كلمتھا، ان أعطیت لھا الفرصة لإعلاء صوتھا الذي كتم طویلًا، وننظر إلى دول العالم أجمع نظرة المودة والصداقة، ولا نتطلع في ھذا الزمان الذي أصبحت فیه شعوب العالم جزءًا من قریة عالمیة واحدة، إلا إلى علاقات مثمرة وبناءة تساھم في بناء بلادنا ومجتمعنا، والبلاد العربیة كافة ھم أشقاء لنا تجمعنا بهم روابط ووشائج عدة، دینیة أو اجتماعیة أو لغویة. ونؤمن بأننا نحتاج إلیھم كما یحتاجون إلینا، ونتطلع لتعاونھم ودعمھم كما یتطلعون إلى تعاوننا ودعمنا، لیصب ھذا كله في النھایة في مصلحة شعوبنا ومواطنینا الذین یطمحون للعیش بسلام ورخاء، وھذا ھو منھجنا من دون استعلاء أو تفریط”.
ولفت إلى أن للمملكة العربیة السعودیة المكانة المتمیزة في العالم، ونحمل لھا ولشعبھا وقیادتھا كل التقدیر والمحبة، ونتطلع بكل أمل وثقة إلى الدور الإیجابي الذي تؤديه المملكة في مساعدة بلادنا وشعبنا على التخلص من المحنة التي حلت بنا خلال السنوات القلیلة الماضیة، وھذه الثقة مردودة إلى العلاقات الطیبة التي تعود إلى زمن الملك المؤسس عبد العزیز آل سعود رحمه الله، كما تعززت ھذه العلاقة مع بدایة عھد الاستقلال وتأسیس المملكة اللیبیة، وما زلنا نتذكر زیارة الملك سعود بن العزیز آل سعود رحمه الله إلى لیبیا في منتصف خمسینيات القرن الماضي، والاستقبال الذي تقدمه الملك ادریس السنوسي رحمه الله آنذاك، فالعلاقة قدیمة ومتمیزة، ونتابع ما وصلت إلیه المملكة الآن من تقدم وتطور ورخاء في ظل القیادة السعودیة الرشیدة.
وقال: “نرى دائمًا أن التعویل لا یكون إلا على الشعب اللیبي وإرادته الحرة. فھو الذي یستطیع إن أعطیت له الفرصة أن یحدد ما یرتضیه لنفسه، ونحن على ثقة من صواب ھذا التوجه. الشعب اللیبي كبقية شعوب العالم یرید التقدم لبلاده والخیر والنماء لأجیاله القادمة، لكن یقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولیة دعم ھذا القرار اللیبي وتوفیر الظروف الملائمة لأبنائه كي یعبروا عن إرادتھم بحریة بعیدًا عن التأثیرات والتدخلات السلبیة. وكان للمجتمع الدولي والأمم المتحدة في الماضي الدور البناء إبان عھد الاستقلال، وترك للیبین آنذاك المجال لأن یرسموا الطریق الذي یرتضونه لبلادھم”.
وتابع ولي العهد: “لنا اتصالات مستمرة لم تتوقف مع جمیع شرائح ومكونات المجتمع اللیبي من دون استثناء. نحن لا نفرق بین المواطنین على أساس التوجه أو الأفكار أو الأصول أو الأعراق. فالجمیع لیبیون. وتركنا منذ البدایة بابنا مفتوحًا أمام الجمیع، من أراد بوطنه وأخواته واخوانه خیرًا فنحن معه، لكننا لسنا طرفًا في الصراع الدائر على السلطة والمال، ونسعى مه المخلصین من أبناء بلادنا إلى إنھائه ووقف العبث الذي حول حیاة مواطنینا إلى جحیم، والانطلاق بالدستور والقانون اللذين یمثلان بدایة الطریق نحو الدولة التي ننشد، ولیس ھناك أسوأ مما یعانیه المواطنون في لیبیا من أزمات طالت جمیع مناحي الحیاة. إنه وضع لا یطاق، وقد تحمله اللیبیون سنوات، وآن الأوان أن ینتھي. عندما نصل إلى نھایة مرضیة وفعالة لأزمات وطننا، ستكون لیبیا عاملًا مساعدًا وقادرًا، برفقة جیراننا وأشقائنا وأصدقائنا في كل مكان، للمساعدة في جعل العالم مكانًا أكثر استقرا ًر وأمنًا”.
واختتم: “أتوجه دائمًا إلى المواطنین في بلادنا في كل مناسبة بالدعوة إلى أن یمدوا أیدیھم بعضھم إلى بعض، وأن ینفضوا عنھم وعن بلادھم ألم ومعاناة السنوات الماضیة، وأن یكونوا دائمًا على ثقة بأن المستقبل سیكون أفضل، متسلحین في ھذا بإیمان عمیق. للشعب اللیبي القدرة والإرادة التي تمكنه من أن یقول كلمته التي تعبر عن تاریخه ومبادئه وعراقته وتطلعه لأن یمھد الطریق لأن تكون بلادنا في مصاف الأمم المتقدمة، وأن تعیش أجیالنا المستقبلیة في أرض یسودھا السلام والوئام”.