لماذا طلبت «مصراتة» من المدن الليبية «النفير» معها؟
المتابع لتصريحات قادة مصراتة مؤخراً والقريب من حالة (القلق الشعبي) المهيمنة على المدينة، سيخرج بانطباع وحيد مفاده أن الخوف من المعلوم وليس من المجهول بات متغلغلاً في نفوس القادة قبل العامة.المدينة التي ظنت بابتعادها الجغرافي عن مسرح الأحداث في العاصمة طرابلس بنفس الطول الجغرافي الواصل بين المدينتين (211 كيلو متر) أنها في مأمن من النيران والبارود، ولم تُعلن نفيراً عاماً طوال 8 أشهر من المعارك، خرجت ببيان هزيل يوم أمس الأحد، استشعر فيه مراقبون حالة إنكار وهروب إلى الأمام.البيان الذي غلب عليه استعارة مفردات بيان المشير خليفة حفتر، الخميس الماضي، يوم أعلن “ساعة الصفر لمعركة الحسم” دعا هو الأخر إلى النفير العام، وما سمَّاه أيضاً “معركة الحسم”، فهل هو القلق الذي تعيشه المدينة، خاصةً مع عودة فائز السراج رئيس “حكومة الوفاق” من زيارته الأخيرة إلى قطر (منتدى الدوحة الدولي) وتركيا، بـ”خفي حنين” بحسب مراقبين على إطلاع بوقائع الزيارة وما نتج عنها، تحدثت إليهم “الساعة 24”.المراقب لتصريحات نشطاء وقادة الفصائل العسكرية، بل وحتى المجتمع المدني في “مصراتة” يجد حالة الخوف وقد سيطرت على الجميع، فيتساءل إبراهيم بيت المال، المتحدث باسم ما يعرف “المجلس العسكري مصراتة” في مداخلة هاتفية لقناة ليبيا بانوراما الذراع الإعلامية لحزب العدالة والبناء، التابع لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، مساء أمس الأحد، في مضمون كلامه عن جدوى “النفير العام لمدينة منخرطة بالفعل في القتال منذ إبريل الماضي”، فيقول: “إن كل قوات مدينة مصراتة ملتحقة بالجبهات حالياً للدفاع عن طرابلس، وأن إعلان المدينة للنفير العام، أمس، إنما هي دعوة تخص فقط قلة قليلة من القادة البارزين في المدينة ممن لم يلتحقوا بالجبهات حتى الآن”، فيتساءل مراقبون تعليقاً على تصريحاته، وماذا تصنع “القلة القليلة” إذاً من أمور الحسم؟!.لكن يبدو أن “نفير مصراتة” وحده لا يكفي لصد زحف الجيش على العاصمة، ما دعا فرج شيتاو، الذي يقدم نفسه في وسائل الإعلام باعتباره صحافي، وشقيق مراد شيتاو أحد عناصر ما يسمى بـ”سرايا بنغازي”، إلى إمهال “مدن المنطقة الغربية، 24 ساعة لإصدار بيانات داعمه لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وإعلان حالة النفير، لصد عدوان الغزاة” على حد قوله، في إشارة إلى قوات الجيش الوطني الليبي، متهماً من يتخلف من مدن المنطقة الغربية عن إصدار بيانات وإعلان النفير، بأنه مع العدو” وفقاً لما كتب على صفحته بـ”فيسبوك”.ولعل أكثر ما طالب به نشطاء “مصراتة” من “السراج”، هو تفعيل الشق الأمني والعسكري للاتفاقية الموقعة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لحسم المعركة، بعد فشلهم في حسمها، واستنزافهم طيلة الشهور الثمان الماضية، فمحمود إسماعيل، الموصوف باعتباره “كاتباً صحفياً” دعا «المجلس الرئاسي» بأن يبادر بشكل فعلي وقانوني للموافقة على طلب “أردوغان” بإرسال قوات تركية إلى ليبيا، وشدد في مداخلة عبر «سكايب» من مصراتة، مع قناة «التناصح»، الذراع الإعلامية للمفتي المعزول، الصادق الغرياني، على “سرعة طلب المساعدة العسكرية من تركيا بشكل فوري، لأنهم يفقدون «أبطالا» كل يوم ويحاولون قدر الإمكان رد العدوان”، على حد قوله، زاعماً أن: “أفضل هدية يقدمها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لليبيين هي موافقته على قدوم قوات تركية إلى ليبيا، لأن السراج أيضا تأخر في طلب الدعم الموثوق من الدول التي تؤمن بالوجود الديمقراطي مثل تركيا، وكان عليه التحرك بعد بدء الحرب بثمان ساعات، وليس ثمانية أشهر”.أما رمضان معيتيق مدير مفوضية المجتمع المدني في مصراتة، فيرى أن: “مصراتة أصبحت الآن مدينة تتحول فيها كل المظاهر إلى مظاهر الحرب، حيث تعمل غرفة الطوارئ التي تضم كافة الفعاليات السياسية والمدنية والعسكرية بالمدينة بالإشراف على تطبيق ما جاء في بيان النفير”.أحمد الروياتي، أعرب عن “تفاؤله” هو الأخر بالإتفاقيات الموقعة مع تركيا، ويأمل أن تتوصل تركيا سريعاً لاتفاق مع روسيا لحسم المعركة لصالح “السراج”، مطمئناً “نفسه والليبيين” بأن ” الحقوق التي حصلت عليها أنقرة بمقتضى مذكرتها مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج لن تسمح بانهيارها بسيطرة حفتر أو توغله في العاصمة طرابلس” على حد قوله.سليمان الفقيه، عضو مجلس النواب المنشق، هو الأخر أثنى على مذكرتي التفاهم الأمنية والبحرية اللتين وقعهما السراج مع تركيا، مشيرًا إلى أنهما وضعتا النقاط على الحروف وأصبح بموجبهما لدى ليبيا حدود مشتركة مع الجمهورية التركية، ومصالح مشتركة، وقواسم أمنية مشتركة حتى أصبح الآن أمن تركيا من أمن ليبيا”ـ بحسب تعبيره.وكان القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، قد أعلن الخميس الماضي، عن ساعة الصفر للوحدات العسكرية كافة المشاركة في عملية تحرير العاصمة طرابلس من الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة التابعة لـ”حكومة الوفاق” برئاسة فائز السراج.وأكد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، على أنه سيتم “منح الشباب فرص التأهيل والتعليم والعمل والعيش الكريم ليشاركوا في بناء ليبيا الجديدة”، مشددًا على أن “القوات المسلحة العربية الليبية تعلن اليوم المعركة الحاسمة، والتقدم نحو العاصمة لكسر قيدها”، مؤكدًا على “الجيش منتصر لا محالة بإذن الله”.