الصلابي: الغنوشي شمعة تضيء الليل البهيم

قال علي الصلابي، القيادي الليبي بتنظيم الإخوان المسلمين، إن “الشيخ الكبير والمفكّر البارز، والمناضل الجسور، الأستاذ راشد الغنوشي هذه الأيام خلف قضبان الظلم والجور، ومصادرة الأفكار والآراء في تصفيات سياسيّة، عديمة الجدوى والنفع، وذلك في سجون الطغاة والظالمين، فهو جسد في السجون، ولكنه بصبره وبتأثيره ومكانته فكر عابر للحدود” وفق تعبيره.
وأضاف في مقال رأي “يعتبر الأستاذ راشد الغنوشي من أكابر المفكرين والمثقفين الذين ينتمون للأسرة العربيّة والإسلاميّة والإنسانيّة، الذين دافعوا عن القيم الإنسانية، كالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والتعاقد بين الحاكم والمحكوم، وحقوق الإنسان بنوعيه الذكر والأنثى، وقدم هو وإخوانه تضحيات كبيرة في هذا الطريق الشاق والطويل؛ بين سجون ومنافي ومطاردات واتهامات، ومحاولات لا تكل ولا تمل لاغتياله معنوياً، وإزالته من الخارطة السياسية التونسية والعربية والإسلامية. ونسي خصومه أنّ الأفكار لا تموت، والكفاح الصادق محفوظ بحفظ الله له، والقدوات الكبيرة جعلها الخلّاق العليم معالم يهتدي بها أجيال وأجيال، ودول وشعوب وأمم ومجتمعات”.
وتابع “عرفت أستاذي وشيخي راشد الغنوشي منذ انفتاحي على الحياة ومتابعتي للحركة الإسلامية العامة في العالم العربي والإسلامي، وسمعت عنه، وأنا في السجن في عهد الراحل العقيد معمّر القذافي، وعن نشاطه ودعوته، واعتقاله، وما تعرض له من الابتلاء مع إخوته من نظام بورقيبة. وعندما خرجت من السجن، وخرجت من ليبيا مهاجراً، وكنت شاباً في مقتبل العمر، فقد التقيت به في جدّة في ضيافة الأستاذ فتحي الخولي (رحمه الله) وسلّمت عليه، وسمعت حديثه الجذاب وأفكاره النيّرة. ولا زالت ابتسامته في مقابلته لي أتذكرها حتّى يومي هذا، ورأيته بشنّتة (شاشيّته) الحمراء، وملابسه التونسية التقليديّة مرات ومرات، إذ كان يطوف في العشر الأواخر من رمضان بالكعبة المشرفة، وتابعت كتابته ومقالاته، ومواقفه، والتقيت به في مؤتمرات عديدة، وتجمعات دعوية فريدة، ولازمته في لقاءات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكنت كثير السؤال له، وكانت علاقتي به كعلاقة التلميذ المجتهد لأستاذه القدوة في خلقه وعلمه، وتجاربه” وفق تعبيره.
وواصل “فهل هذا الرجل الكبير في عِلمه وتجربته الغنية، وكفاحه يكون مقرّه السجن، أم يكون بين أبناء شعبه كباراً وصغاراً، حتى يستفيدوا من تجاربه وأفكاره التي نضجت مع مرّ السنين، وصقلتها التجارب أم أنّ الأمر دبّر بليل لطمس أي نور وسط الظلام، أو شمعة تنير دجى الليل البهيمّ!؟”.
واختتم “إن تجربة شيخنا الكبير الأستاذ راشد الغنوشي العلمية والعملية لا يمكن سجنها ولا القضاء عليها – بإذن الله تعالى – فقد أصبحت عابرة للقارات في جيلنا، ولا نشك في رحمة ربنا وفضله وعطائه بأن تكون له صدقة جارية بعد طول عمر وحسن عمل، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له”. وإن شاء الله الثلاثة متوفرة في شيخنا الغنوشي (فرج الله عنه)”.