الكوني من لندن: «الرئاسي» لم يتفاعل مع المظاهرات الأخيرة لأنه لا يريد «تأزيم الوضع»
شبه عضو المجلس الرئاسي “موسى الكوني”، الحراك الشعبي الذي تجسد في المظاهرات الشعبية التي شهدتها المدن والمناطق الليبية مؤخرا للمطالبة بالتعجيل بالانتخابات البرلمانية والرئاسية والرافضة لكل الأجسام والكيانات القائمة منذ عقد من الزمن بـ«الثورة الجديدة» في ليبيا، وفقا لبيان صادر عن المجلس الرئاسي عبر حسابه على “فيسبوك”.
وقال الكوني، في ندوة حوارية في العاصمة البريطانية لندن- حضرها لفيف واسع من السياسيين المثقفين والمفكرين والحقوقيين والإعلاميين وخبراء القانون الدولي العرب والأجانب- إن ليبيا شهدت ثورة جديدة ضد الأجسام التي أدخلت البلد في أزمات متتالية، أمنية واقتصادية واجتماعية وغيرها، ورفعت مطالب محقة وعادلة، ونادت بحل مجلسي النواب والدولة، وهو موضوع ليس بجديد، لكنها للأسف لم تستمر.
وأوضح الكوني، خلال حديثه في الندوة التي نظمتها لجنة الشؤون العامة الليبية بالتعاون مع المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، والمنتدى الثقافي العربي البريطاني، ومنظمة الحوار الوطني في ليبيا وذلك بالتنسيق مع السفارة الليبية في لندن، أن ليبيا مرت منذ سقوط نظام القذافي بعدة تحولات بدءا من بالمجلس الوطني الانتقالي، وما تلاه من أجسام سياسية وغيرها وصولا لاتفاق جنيف الأخير الذي تمخض عنه مجلس رئاسي له سلطة سيادية وبدون صلاحيات تشريعية أو تنفيذية، محملا كل الأجسام مسؤولية الإخفاقات المتتالية في إخراج ليبيا من أزمتها ومحنتها بسبب صراعها على السلطة والمال، وابتعادها عن مطالب وأماني الشعب الذي عاني كثيرا ودفع ضريبة هذا الصراع في الحروب والاقتتال بين أبنائه، وسوء المعيشة ، والأمن وانتشار الفوضى والفساد، وضياع حقوقه واستباحة كرامته في الداخل والخارج.
وتمحورت الكلمات والمداخلات في الندوة الحوارية حول دور المجلس الرئاسي خلال هذه المرحلة، في ضوء الحراك الشعبي ومطالب المظاهرات بحل مجلسي النواب والدولة، ودعوة المجلس الرئاسي باتخاذ قرارات سريعة لإجراء الانتخابات.
وعبر الكوني، عن عدم رضائه على مستوى الاستجابة من المجلس الرئاسي الذي لم يستثمر في الحراك الشعبي الذي طالب بدور له في حل الأزمة لأسباب موضوعية، وقال:” لا شك أن الانتفاضة الأخيرة كانت بمثابة شرعية شعبية للمجلس الرئاسي من قبل الشارع الليبي، ولكن لا يمكن استثمار هذا الحراك الشعبي في رصيد سيادي تنفيذي أو تشريعي بالقفز على صلاحيات المؤسسات الأخرى ذات العلاقة”.
ولفت إلى أن المجلس الرئاسي لا يملك أداة تنفيذية لوجوب تطبيق المراسيم، ولو استمر الحراك وامتلأت الساحات بالمحتجين لأصبح التفويض الشعبي كامل الأركان وأجبر الرئاسي وغيرها من المؤسسات على تنفيذ المطالب الشعبية المحقة.
وفي رده على ما يعلنه المجلس الرئاسي، بأنه على مسافة واحدة من أطراف الصراع بدل أن ينخرط في الحل العملي، قال الكوني، إنه ليس للمجلس الرئاسي دور تشريعي والذي هو من صلاحيات البرلمان والتنفيذي موكل للحكومة.
ولفت إلى أنه قد يترجم عدم تفاعل الرئاسي أحيانا على أنه عجز أو حياد سلبي بينما في الواقع نحن لا نريد تأزيم الوضع بين المؤسسات أكثر مما هو مأزوم والبلاد تعيش صراع عسكري، واقتصادي، واجتماعي، في الوقت الذي يسعى المجلس دائما الابتعاد أن يكون طرفا أو أن تستخدم جهوده في التأجيج أو تعقيد ما هو معقد.
وقال:” لا ريب أن تدخلنا يجب أن يكون إصلاحيا على قاعدة دستورية سهلة، مبسطة يشترك الليبيون جميعا بقبولها ومن ثم تحديد موعد نهائي للانتخابات والوصول لطاولة مستديرة تذلل تلك العقبات وصولا لحل مستدام، إلا أنه قد نضطر كمجلس رئاسي للنهوض بمهمة إصدار قاعدة دستورية توافقية بالأغلبية ترضي تلك الأطراف وإجراء الانتخابات الموعودة”، مشيرا إلى أنه ليس كل المبادرات تتمخض عن نتائج جديرة بالإعلان عنها ولا شيء يحاك بالخفاء عن الشعب”.
وحول مخاوف عودة العنف والاقتتال من جديد بين الليبيين، طمأن الكوني، قائلا:” لقد تخطينا مرحلة الاقتتال ولن تكون هناك عودة للخلف وهذه خطوة أساسية، ونحن ملزمون بتفعيل المصالحة الوطنية وتطبيق مبادئ العدالة الانتقالية وجبر الضرر، وسرعة التنفيذ تتعلق بقبول الناس المتفاوت لهذا الموضوع الذي سيستغرق وقتا”.
وفيما يتعلق بجهود توحيد المؤسسة العسكرية، أكد أن ملف توحيد الجيش تعتريه العديد من العراقيل والمؤثرات الداخلية والخارجية، ولا شك أن الخلافات الدولية والإقليمية فيما يخص الشأن الليبي في المجمل لها تأثير مباشر على سير العملية، مشددا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إلى أنه حتى الأمس القريب كانت الحرب قائمة بين الأطراف وليس بهذه السهولة دمجها فورا بمؤسسة واحدة، وهو ما سيتم كخطوة تالية حتما”.
وأكد أنه مهما تحاربنا واقتتلنا لا يمكن أن نقبل بالمساس بالسيادة الليبية، مبينا أن استجلاب لجنة اقتصادية دولية لإدارة الأموال الليبية والعائدات النفطية يتعارض مع مبدأ السيادة، وأن هذا المقترح الذي تقدم به السفير الأمريكي لم يحظ بالقبول من أحد.
وتطرق إلى الدعوة الألمانية لتنظيم مؤتمر دولي جديد حول ليبيا قائلا:” يبدو أن هناك آمالا معقودة على دعوة ألمانيا لتنظيم هذا المؤتمر”، مشيراً إلى أن الشأن الليبي أصبح شأنا دوليا وأن مؤتمرا يدعى إليه الفرقاء الليبيين والدوليين سيكون له أثرا إيجابيا، إذا لا يمكن تجاهل تأثير هذه القوى على الحل، وبالتالي هذا مسار من مسارات التوافق”.
ورفض الاتهامات الموجهة لليبيا بخصوص الهجرة غير الشرعية قائلا:” لا يمكن أن تكون الدولة الليبية ضالعة بأي شكل من الأشكال بانتهاكات تطال المهاجرين غير الشرعيين، لأن هذا يتنافى مع قيم وأخلاق شعبنا وعاداتنا منذ القدم”.